صفحة جزء
باب أن الوتر سنة مؤكدة وأنه جائز على الراحلة

913 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من لم يوتر فليس منا } . رواه أحمد ) .

914 - ( وعن علي رضي الله عنه قال : { الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ، ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه ولفظه : إن الوتر ليس بحتم ، ولا كصلاتكم المكتوبة ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر فقال : يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر ) } . [ ص: 38 ]

915 - ( وعن ابن عمر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر على بعيره . } رواه الجماعة ) .

916 - ( وعن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الوتر حق ، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل } . رواه الخمسة إلا الترمذي .

وفي لفظ لأبي داود : { الوتر حق على كل مسلم } . ورواه ابن المنذر وقال فيه : { الوتر حق وليس بواجب } ) .


أما حديث أبي هريرة فأخرجه أيضا ابن أبي شيبة ، وفي إسناده الخليل بن مرة قال فيه أبو زرعة : شيخ صالح ، وضعفه أبو حاتم والبخاري . وأما حديث علي فحسنه الترمذي وصححه الحاكم . وأما حديث ابن عمر فأخرجه الجماعة كما ذكره المصنف . وأما حديث أبي أيوب فأخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والحاكم وله ألفاظ . وصحح أبو حاتم والذهلي والدارقطني في العلل والبيهقي وغير واحد وقفه . قال الحافظ : وهو الصواب .

وفي الباب عن أبي هريرة غير حديثه المذكور في الباب عند البيهقي في الخلافيات بلفظ : { إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن } .

وعن ابن عمرو عند ابن أبي شيبة وأحمد بلفظ { وزادكم صلاة حافظوا عليها وهي الوتر } وفي إسناده ضعيفان

وعن بريدة عند أبي داود بلفظ { الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا ، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا } ورواه الحاكم في المستدرك ولم يكرر لفظه . وقال : هذا حديث صحيح

وعن أبي بصرة عند أحمد بلفظ { إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين العشاء إلى الفجر } ورواه الطبراني بلفظ " فحافظوا عليها "

وعن سليمان بن صرد عند الطبراني في الأوسط بلفظ { وأوتروا فالله وتر يحب الوتر } . وعن ابن عباس عند البزار بلفظ { إن الله قد أمركم بصلاة وهي الوتر } . وعن ابن عمر عند البيهقي بلفظ { إن الله زادكم صلاة وهي الوتر } وفي إسناده مقال . وعن ابن مسعود عند البزار بلفظ : { الوتر واجب على كل مسلم } .

وفي إسناده جابر الجعفي ، وقد ضعفه الجمهور ، ووثقه الثوري ، وله حديث آخر عند أبي داود وابن ماجه بلفظ حديث أبي هريرة الذي ذكرناه . وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البيهقي بلفظ حديث أبي بصرة المتقدم ، وفي إسناده أحمد بن مصعب وهو ضعيف . وعن علي عند أهل السنن بنحو حديث أبي هريرة الذي ذكرناه

وعن عقبة بن عامر [ ص: 39 ] وعمرو بن العاص عند الطبراني في الكبير والأوسط بنحو حديث أبي بصرة . وعن معاذ عند أحمد بنحو حديث أبي بصرة أيضا وعن ابن مسعود حديث آخر عند الطبراني في الصغير بلفظ { الوتر على أهل القرآن } وعن ابن عباس حديث آخر عند أحمد والطبراني والدارقطني والبيهقي بلفظ : { ثلاث علي فرائض وهي لكم تطوع : النحر ، والوتر ، وركعتا الفجر } وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك شاهدا على أن الوتر ليس بحتم ، وسكت عليه . وقال البيهقي في روايته : ركعتا الضحى ، بدل ركعتي الفجر . وعن أنس عند الدارقطني بلفظ : " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم علي } وفي إسناده عبد الله بن محرز وهو ضعيف

وعن جابر عند المروزي بلفظ " إني كرهت أو خشيت أن يكتب عليكم الوتر " وعن عائشة عند الطبراني في الأوسط بلفظ { ثلاث هن علي فريضة ، وهن لكم سنة : الوتر ، والسواك ، وقيام الليل } . واعلم أن هذه الأحاديث فيها ما يدل على الوجوب كقوله : " فليس منا " ، وقوله : " الوتر حق " وقوله : " أوتروا وحافظوا " . وقوله : " الوتر واجب " .

وفيها ما يدل على عدم الوجوب وهو بقية أحاديث الباب ، فتكون صارفة لما يشعر بالوجوب

، وأما حديث " الوتر واجب " فلو كان صحيحا لكان مشكلا لما عرفناك في باب غسل يوم الجمعة من أن التصريح بالوجوب لا يصح أن يقال : إنه مصروف إلى غيره ، بخلاف بقية الألفاظ المشعرة بالوجوب . وقد ذهب الجمهور إلى أن الوتر غير واجب بل سنة ، وخالفهم أبو حنيفة فقال : إنه واجب ، وروي عنه أنه فرض ، وتمسك بما عرفت من الأدلة الدالة على الوجوب ، وأجاب عليه الجمهور بما تقدم

قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا وافق أبا حنيفة في هذا ، وأورد المصنف في الباب حديث ابن عمر { أنه صلى الله عليه وسلم أوتر على بعيره } للاستدلال به على عدم الوجوب ، لأن الفريضة لا تصلى على الراحلة ، وكذلك إيراده حديث أبي أيوب للاستدلال بما فيه من التخيير على عدم الوجوب ، وهو إنما يدل على عدم وجوب أحدها على التعيين لا على عدم الوجوب مطلقا . ويمكن أنه أورده للاستدلال به على الوجوب لقوله فيه : حق

ومن الأدلة الدالة على عدم وجوب الوتر ما اتفق عليه الشيخان من حديث طلحة بن عبيد الله قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ، الحديث ، وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع }

وروى الشيخان أيضا من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن ، الحديث ، وفيه : " فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة " وهذا من أحسن ما يستدل به ، لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بيسير . وأجاب الجمهور أيضا عن أحاديث الباب المشعرة بالوجوب [ ص: 40 ] بأن أكثرها ضعيف ، وهو حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر وبريدة وسليمان بن صرد وابن عباس وابن عمرو وابن مسعود وابن أبي أوفى وعقبة بن عامر ومعاذ بن جبل ، كذا قال العراقي . ، وبقيتها لا يثبت بها المطلوب لا سيما مع قيام ما أسلفناه من الأدلة الدالة على عدم الوجوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية