صفحة جزء
باب وقت صلاة الوتر والقراءة فيها والقنوت .

927 - ( عن خارجة بن حذافة قال : { خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال : لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم ، قلنا : وما هي يا رسول الله ؟ قال : الوتر فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر } . رواه الخمسة إلا النسائي ) .


الحديث أخرجه أيضا الدارقطني والحاكم وصححه ، وضعفه البخاري وقال ابن حبان : إسناده منقطع ، ومتنه باطل . قال الخطابي : فيه عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة ، وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد وابن أبي شيبة ، وعنه حديث آخر عند البيهقي وفيه أبو إسماعيل الترمذي وثقه الدارقطني . وقال الحاكم : تكلم فيه أبو حاتم . وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد والدارقطني وفي إسناده الرزمي وهو ضعيف . وعن بريدة عند أبي داود والحاكم في المستدرك وقال : صحيح . وعن أبي بصرة الغفاري عند أحمد والحاكم والطحاوي ، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف ، ولكنه توبع وعن سليمان بن صرد عند الطبراني في الأوسط ، وفي إسناده إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم والدارقطني وابن عدي . وعن ابن عباس عند البزار والطبراني في الكبير والدارقطني ، وفي إسناده النصر أبو عمرو الخزاز وهو ضعيف متروك وقال البخاري : منكر الحديث . وعن ابن عمر عند البيهقي في الخلافيات وابن حبان في الضعفاء ، وفي إسناده حماد بن قيراط [ ص: 50 ] وهو ضعيف . وقال أبو حاتم : لا يجوز الاحتجاج به ، وكان أبو زرعة يمرض القول فيه . وادعى ابن حبان أن الحديث موضوع ، وله حديث آخر عند الطبراني ، وفي إسناده أيوب بن نهيك ضعفه أبو حاتم وغيره وعن ابن مسعود عند البزار وفي إسناده جابر الجعفي ، وقد ضعفه الجمهور . وعن عبد الله بن أبي أوفى عند البيهقي في الخلافيات ، وفي إسناده أحمد بن مصعب بن بشر بن فضالة ، وقد قيل : إنه كان يضع المتون والآثار ويقلب الأسانيد للأخبار . قال أبو حاتم : ولعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث وعن علي عليه السلام عند أهل السنن . وعن عقبة بن عامر عند الطبراني وفيه ضعف . وعن عمرو بن العاص عند الطبراني أيضا وفيه ضعف . وعن معاذ بن جبل عند أحمد وفي إسناده عبيد الله بن زحر وهو ضعيف ، وفيه انقطاع وعن أبي أيوب عند الطبراني في الكبير والأوسط ، قوله : ( أمدكم ) الإمداد يكون بمعنى الإعانة ، ومنه الإمداد بالملائكة ، وبمعنى الإعطاء ، ومنه { وأمددناهم بفاكهة } الآية ، فيحتمل أن يكون هذا من الإعانة ، أي أعانكم بها على الانتهاء عن الفحشاء والمنكر ، كما قال تعالى : {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ، ويحتمل أن يكون من الإعطاء

قال العراقي : والظاهر أن المراد الزيادة في الإعطاء ، ويدل عليه قوله ، في بعض طرق الحديث { إن الله زادكم صلاة } كما في حديث عبد الله بن عمرو وأبي بصرة وابن عمر وابن أبي أوفى وعقبة بن عامر ، قوله : ( الوتر ) بكسر الواو وفتحها لغتان ، وقرئ بهما في السبعة : قوله : ( بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ) استدل به على أن أول وقت الوتر يدخل بالفراغ من صلاة العشاء ويمتد إلى طلوع الفجر ، كما قالت عائشة في الحديث الصحيح : { انتهى وتره إلى السحر }

وفي وجه لأصحاب الشافعي أنه يمتد بعد طلوع الفجر إلى صلاة الصبح وفي وجه آخر يمتد إلى صلاة الظهر .

وفي وجه آخر أنه يصح الوتر قبل العشاء ، وكلها مخالفة للأدلة . واستدل بالحديث أيضا أبو حنيفة على وجوب الوتر ، وقد تقدم الكلام على ذلك . واستدل به أيضا على أن الوتر أفضل من ركعتي الفجر ، وقد تقدمت الإشارة إليه . واستدل به المصنف أيضا على أن الوتر لا يصح الاعتداد به قبل العشاء فقال ما لفظه : وفيه دليل على أنه لا يعتد به قبل العشاء بحال ، انتهى .

928 - ( وعن عائشة قالت : { من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره ، فانتهى وتره إلى السحر } . رواه الجماعة ) . [ ص: 51 ]

929 - ( وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أوتروا قبل أن تصبحوا } . رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود )

930 - ( وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أيكم خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر ، ثم ليرقد ، ومن وثق بقيام من آخر الليل فليوتر من آخره ، فإن قراءة آخر الليل محضورة ، وذلك أفضل } . رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه )

في الباب أحاديث منها عن أبي هريرة عند البزار والدارقطني والطبراني في الأوسط قال : { سأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر كيف توتر ؟ قال : أوتر أول الليل ، قال : حذر كيس ، ثم سأل عمر كيف توتر ؟ قال : من آخر الليل ، قال : قوي معان } وفي إسناده سليمان بن داود اليمامي وقد ضعف . وعن أبي مسعود عند أحمد والطبراني { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر من أول الليل وأوسطه وآخره } قال العراقي : وإسناده صحيح وعن أبي قتادة عند أبي داود بنحو حديث أبي هريرة المتقدم ، وصححه الحاكم على شرط مسلم . وقال العراقي : صحيح . وعن ابن عمر عند ابن ماجه بنحو حديث أبي هريرة المتقدم وصححه الحاكم . وعن عقبة بن عامر عند الطبراني بنحو حديث أبي هريرة المتقدم أيضا

وعن علي عند ابن ماجه بلفظ { من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه } انتهى ، ووتره إلى السحر . قال العراقي : وإسناده جيد .

وعن أبي موسى عند الطبراني في الكبير قال : { كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيانا أول الليل ووسطه ليكون سعة للمسلمين }

وعن ابن عمر عند أبي داود والترمذي وصححه ، والحاكم في المستدرك بلفظ : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { بادروا الصبح بالوتر } وله حديث آخر عند الترمذي بلفظ : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ، فأوتروا قبل طلوع الفجر } .

وعن أبي ذر عند النسائي بلفظ { أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم ، أوصاني بصلاة الضحى والوتر قبل النوم ، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر } وعن سعد بن أبي وقاص عند أحمد بلفظ : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الذي لا ينام حتى يوتر حازم }

وعن علي عند البزار قال : { نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنام إلا على وتر } وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، وثقه أحمد ، وضعفه الجمهور . وعن عمر عند ابن ماجه [ ص: 52 ] بلفظ " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا تسأل الرجل فيم يضرب امرأته ؟ ولا تنم إلا على وتر } والحديث عند أبي داود والنسائي ، ولكنهما اقتصرا على النهي عن السؤال عن ضرب الرجل امرأته وعن أبي الدرداء عند مسلم بنحو حديث أبي ذر المتقدم . وأحاديث الباب تدل على أن جميع الليل وقت للوتر إلا الوقت الذي قبل صلاة العشاء ، إذ لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أوتر فيه ، ولم يخالف في ذلك أحد إلا أهل الظاهر ولا غيرهم إلا ما قدمنا أنه يجوز ذلك في وجه لأصحاب الشافعي وهو وجه ضعيف ، صرح بذلك العراقي وغيره منهم

وقد حكى صاحب المفهم الإجماع على أنه لا يدخل وقت الوتر إلا بعد صلاة العشاء . وورد في حديث عائشة الصحيح { أنه كان يصلي صلى الله عليه وسلم ما بين أن يصلي العشاء إلى أن يطلع الفجر إحدى عشرة ركعة } . واستدل بحديث أبي سعيد ، وما شابهه من الأحاديث المذكورة في الباب على أن الوتر لا يجوز بعد الصبح ، وهو يرد على ما تقدم في أحد الوجوه لأصحاب الشافعي أنه يمتد إلى صلاة الصبح ، أو إلى صلاة الظهر

واستدل بحديث جابر ، وما في معناه من الأحاديث المذكورة على مشروعية الإيتار قبل النوم ، لمن خاف أن ينام عن وتره ، وعلى مشروعية تأخيره إلى آخره لمن لم يخف ذلك . ويمكن تقييد الأحاديث المطلقة التي فيها الوصية بالوتر قبل النوم ، والأمر به بالأحاديث المقيدة بمخافة النوم عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية