صفحة جزء
[ ص: 117 ] وعن ابن مسعود : { النبي قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخا من قريش أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال : يكفيني هذا ، قال عبد الله فلقد رأيته بعد قتل كافرا } . متفق عليه ) .


قوله ( غير أن شيخا من قريش ) صرح البخاري في التفسير من صحيحه أنه أمية بن خلف . ووقع في سيرة ابن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة . قال الحافظ : وفيه نظر لأنه لم يقتل .

وفي تفسير سنيد الوليد بن المغيرة . أو عقبة بن ربيعة بالشك ، وفيه نظر لما أخرجه الطبراني من حديث مخرمة بن نوفل قال { : لما أظهر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام أسلم أهل مكة حتى إن كان ليقرأ السجدة فيسجدون فلا يقدر بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء قريش : ابن المغيرة وأبو جهل وغيرهما وكانوا بالطائف ، فرجعوا وقالوا : تدعون دين آبائكم } ولكن في هذا نظر لقول أبي سفيان في حديثه الطويل الثابت في الصحيح إنه لم يرتد أحد ممن أسلم .

قال في الفتح : ويمكن الجمع بأن النفي مقيد بمن ارتد سخطا لدينه لا لسبب مراعاة خاطر رؤسائه . وروى الطبراني عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه سعيد بن العاص بن أمية . وذكر أبو حيان في تفسيره أنه أبو لهب .

وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنهم سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش بذلك الشهرة وللنسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة قال : { قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فسجد وسجد من معه . ، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ، ولم يكن المطلب يومئذ أسلم } وإذا ثبت ذلك فلعل ابن مسعود لم يره أو خصه وحده بذكره لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره . والحديث فيه مشروعية السجود لمن حضر عند القارئ للآية التي فيها السجدة .

قال القاضي عياض : وكان سبب سجودهم فيما قال ابن مسعود : إنها أول سجدة نزلت وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون : أن سبب ذلكما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثناء على آلهة المشركين في سورة ( النجم ) فباطل لا يصح فيه شيء لا من جهة العقل ولا من جهة النقل ، لأن إله غير الله كفر ، ولا يصح نسبة ذلك إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه ، ولا يصح تسلط الشيطان على ذلك ، كذا في شرح مسلم للنووي .

998 - ( وعن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس } . رواه البخاري والترمذي وصححه ) [ ص: 118 ]

999 - ( أبي هريرة قال { : سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في { إذا السماء انشقت } ، و { اقرأ باسم ربك } } . رواه الجماعة إلا البخاري ) . قوله : ( سجد بالنجم ) زاد الطبراني في الأوسط : " من هذا الوجه بمكة " قال ابن حجر : فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود قوله : ( والجن ) كأن مستند ابن عباس في ذلك إخبار النبي صلى الله عليه وسلم إما مشافهة له وإما بواسطة لأنه لم يحضر القصة لصغره ، وأيضا فهو من الأمور التي لا يطلع عليها إلا بتوقيف . وتجويز أنه كشف له عن ذلك بعيد ، لم يحضرها قطعا قاله ابن حجر : قوله : في إذا السماء انشقت ، واقرأ باسم ربك فيه دليل على إثبات السجود في المفصل ، وقد تقدم الخلاف في ذلك : والحديثان يدلان على مشروعية سجود التلاوة ، وقد تقدم أنه مجمع عليه . .

التالي السابق


الخدمات العلمية