صفحة جزء
باب سجود المستمع إذا سجد التالي وأنه إذا لم يسجد لم يسجد

1005 - ( عن ابن عمر قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيقرأ السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته } . متفق عليه ولمسلم في رواية في غير صلاة ) .


قوله : ( يقرأ علينا السورة ) زاد البخاري في رواية " ونحن عنده " قوله : ( لموضع جبهته ) يعني من شدة الزحام . وقد اختلف فيمن لم يجد مكانا يسجد عليه فقال ابن عمر : يسجد على ظهر أخيه ، وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق . وقال عطاء والزهري : يؤخر حتى يرفعوا ، وبه قال مالك ، وهذا الخلاف في سجود الفريضة .

قال في الفتح : وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة ولم يذكر ابن عمر في هذا الحديث ما كانوا يصنعون حينئذ ، ولذلك وقع الخلاف المذكور . ووقع في الطبراني من طريق مصعب بن ثابت عن نافع في هذا الحديث { أن ذلك كان بمكة لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم وزاد فيه حتى سجد الرجل على ظهر الرجل } قال الحافظ : الذي يظهر أن هذا الكلام وقع من ابن عمر على سبيل المبالغة في أنه لم يبق أحد إلا سجد .

قال : وسياق حديث الباب مشعر بأن ذلك وقع مرارا .

ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني من رواية المسور بن مخرمة عن أبيه قال : { أظهر أهل مكة الإسلام - يعني في أول البعثة - حتى أن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقرأ السجدة فيسجد وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء مكة وكانوا في الطائف فرجعوهم عن الإسلام } قوله : ( في غير صلاة ) قد تقدم أنه تمسك بهذه الرواية من قال : إنه لا سجود للتلاوة في صلاة الفرض وتقدم الجواب عليه .

والحديث يدل على مشروعية السجود لمن سمع الآية التي يشرع فيها السجود إذا سجد القارئ لها .

1006 - ( وعن عطاء بن يسار : { أن رجلا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فسجد فسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت فلم تسجد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كنت إمامنا فلو سجدت سجدت } رواه الشافعي في مسنده هكذا مرسلا .

قال البخاري : وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة فقال : " اسجد فإنك إمامنا [ ص: 122 ] فيها " ) .

الحديث أخرجه أبو داود في المراسيل . وقال البيهقي : رواه قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقرة ضعيف .

وأخرج ابن أبي شيبة من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال : { إن غلاما قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة ، فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما لم يسجد قال : يا رسول الله ليس في هذه السجدة سجود ؟ قال صلى الله عليه وسلم : بلى ولكنك كنت إمامنا فيها ولو سجدت لسجدنا } قال الحافظ في الفتح : رجاله ثقات إلا أنه مرسل قوله : البخاري هذا الأثر ذكره البخاري تعليقا ، ووصله سعيد بن منصور من رواية مغيرة عن إبراهيم قوله : ( ابن حذلم ) بفتح المهملة واللام بينهما معجمة ساكنة .

والحديث يدل على أن سجود التلاوة لا يشرع للسامع إلا إذا سجد القارئ . قال ابن بطال : أجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد . وقد اختلف . العلماء في اشتراط السماع لآية السجدة ، وإلى اشتراط ذلك ذهبت العترة وأبو حنيفة والشافعي وأصحابه ، لكن الشافعي شرط قصد الاستماع والباقون لم يشترطوا ذلك .

وقال الشافعي في البويطي : لا أؤكد على السامع كما أؤكد على المستمع . وقد روى البخاري عن عثمان بن عفان وعمران بن حصين وسلمان الفارسي أن السجود إنما شرع لمن استمع ، وكذلك روى البيهقي وابن أبي شيبة عن ابن عباس . .

التالي السابق


الخدمات العلمية