صفحة جزء
باب إطالة الإمام الركعة الأولى وانتظار من أحس به داخلا ليدرك الركعة فيه عن أبي قتادة وقد سبق .

1049 - ( عن أبي سعيد : لقد { كانت الصلاة تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ، ثم يتوضأ ، ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطولها } رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي ) .

1050 - ( وعن محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى { أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم } رواه أحمد وأبو داود ) .


حديث أبي قتادة تقدم مع شرحه في باب السورة بعد الفاتحة في الأوليين من أبواب صفة الصلاة ، وفيه بعد ذكر أنه كان يطول في الأولى قال : فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى . وحديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أيضا البزار وسياقه أتم ، وفي إسناده رجل مجهول لا يعرف ، وسماه بعضهم طرفة الحضرمي وهو مجهول كما قال الأذرعي وفيه وفي حديث أبي قتادة وأبي سعيد مشروعية التطويل في الركعة الأولى من صلاة الظهر وغيرها ، وقد قدمنا الكلام على ذلك في أبواب صفة الصلاة .

وقد استدل القائلون بمشروعية تطويل الركعة الأولى لانتظار الداخل ليدرك فضيلة الجماعة بتلك الرواية [ ص: 166 ] التي ذكرناها من حديث أبي قتادة ، أعني قوله : " فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى " . واستدلوا أيضا بحديث ابن أبي أوفى المذكور في الباب .

وقد حكى استحباب ذلك ابن المنذر عن الشعبي والنخعي وأبي مجلز وابن أبي ليلى من التابعين . وقد نقل الاستحباب أبو الطيب الطبري عن الشافعي في الجديد .

وفي التجريد للمحاملي نسبة ذلك إلى القديم وأن الجديد كراهته . وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وأبو يوسف وداود والهادوية إلى كراهة الانتظار ، واستحسنه ابن المنذر ، وشدد في ذلك بعضهم وقال : أخاف أن يكون شركا ، وهو قول محمد بن الحسن ، وبالغ بعض أصحاب الشافعي فقال : إنه مبطل للصلاة .

وقال أحمد وإسحاق فيما حكاه عنهما ابن بطال : إن كان الانتظار لا يضر بالمأمومين جاز ، وإن كان مما يضر ففيه الخلاف . وقيل : إن كان الداخل ممن يلازم الجماعة انتظره الإمام وإلا فلا ، روى ذلك النووي في شرح المهذب عن جماعة من السلف . وقد استدل الخطابي في المعالم على الانتظار المذكور بحديث أنس المتقدم في الباب الأول في التخفيف عند سماع بكاء الصبي فقال : فيه دليل على أن الإمام وهو راكع إذا أحس بداخل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعا ليدرك فضيلة الركعة في الجماعة ، لأنه إذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة إنسان في بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى ، بل هو أحق بذلك وأولى ، وكذلك قال ابن بطال .

وتعقبهما ابن المنير والقرطبي : بأن التخفيف ينافي التطويل فكيف يقاس عليه ؟ قال ابن المنير : وفيه مغايرة للمطلوب ; لأن فيه إدخال مشقة على جماعة لأجل واحد ، وهذا لا يرد على أحمد وإسحاق لتقييدهما الجواز بعدم الضر للمؤتمين كما تقدم . وما قالاه هو أعدل المذاهب في المسألة ، وبمثله قال أبو ثور . .

التالي السابق


الخدمات العلمية