صفحة جزء
باب المسبوق يقضي ما فاته إذا سلم إمامه من غير زيادة

1068 - ( عن المغيرة بن شعبة قال : { تخلفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فتبرز وذكر وضوءه ، ثم عمد الناس وعبد الرحمن يصلي بهم ، فصلى مع الناس الركعة الأخيرة ، فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته ، فلما قضاها أقبل عليهم فقال : قد أحسنتم وأصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها } . متفق عليه . ورواه أبو داود قال فيه { : فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبق بها لم يزد عليها شيئا } . قال أبو داود أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون : من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو ) .


قوله : ( في غزوة تبوك ) هي آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، وذلك في سنة تسع من الهجرة قوله : ( وذكر وضوءه ) قد تقدم في باب المعاونة في الوضوء وفي باب اشتراط الطهارة قبل اللبس قوله : ( ثم عمد الناس ) بفتح العين المهملة والميم بعدها [ ص: 183 ] دال مهملة : أي قصد ، والناس مفعول به ، قوله : ( وعبد الرحمن يصلي بهم ) جملة حالية .

وفيه دليل على أنه إذا خيف فوت وقت الصلاة أو فوت الوقت المختار منها لم ينتظر الإمام وإن كان فاضلا .

وفيه أيضا أن فضيلة أول الوقت لا يعادلها فضيلة الصلاة مع الإمام الفاضل في غيره قوله : ( يصلي بهم ) يعني صلاة الفجر كما وقع مبينا في سنن أبي داود قوله : ( فصلى مع الناس الركعة الأخيرة ) فيه فضيلة لعبد الرحمن بن عوف إذ قدمه الصحابة لأنفسهم في صلاتهم بدلا من نبيهم .

وفيه فضيلة أخرى له وهي اقتداؤه صلى الله عليه وسلم به .

وفيه جواز ائتمام الإمام أو الوالي برجل من رعيته .

وفيه أيضا تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم : { لا يؤمن أحد في سلطانه إلا بإذنه } يعني : أو إلا أن يخاف خروج أول الوقت قوله : ( يتم صلاته ) فيه متمسك لمن قال : إن ما أدركه المؤتم مع الإمام أول صلاته ، وقد تقدم الكلام على ذلك قوله : ( قد أصبتم وأحسنتم ) فيه جواز الثناء على من بادر إلى أداء فرضه وسارع إلى عمل ما يجب عليه عمله قوله : ( يغبطهم ) فيه أن الغبطة جائزة وأنها مغايرة للحسد المذموم قوله : ( لم يزد عليها شيئا ) أي لم يسجد سجدتي السهو .

فيه دليل لمن قال : ليس على المسبوق ببعض الصلاة سجود . قال ابن رسلان : وبه قال أكثر أهل العلم ، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " وما فاتكم فأتموا " وفي رواية : " فاقضوا " ولم يأمر بسجود سهو . وذهب جماعة من أهل العلم منهم من ذكر المصنف راويا عن أبي داود ، ومنهم عطاء وطاوس ومجاهد وإسحاق إلى أن كل من أدرك وترا من صلاة إمامه فعليه أن يسجد للسهو لأنه يجلس للتشهد مع الإمام في غير موضع الجلوس ، ويجاب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم جلس خلف عبد الرحمن ولم يسجد ولا أمر به المغيرة ، وأيضا ليس السجود إلا للسهو ولا سهو هنا ، وأيضا متابعة الإمام واجبة فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات . .

التالي السابق


الخدمات العلمية