صفحة جزء
[ ص: 185 ] باب الأعذار في ترك الجماعة

1071 - ( عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة ، ينادي : صلوا في رحالكم ، في الليلة الباردة ، وفي الليلة المطيرة في السفر } . متفق عليه ) .

1072 - ( وعن جابر قال { : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا ، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه ) .

1073 - ( وعن ابن عباس { أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم قال : فكأن الناس استنكروا ذلك ، فقال : أتعجبون من ذا ؟ فقد فعل ذا من هو خير مني ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض } . متفق عليه .

ولمسلم : أن ابن عباس أمر مؤذنه يوم جمعة في يوم مطير بنحوه ) .


وفي الباب عن سمرة عند أحمد . وعن أسامة عند أبي داود والنسائي . وعن عبد الرحمن بن سمرة أشار إليه الترمذي . وعن عتبان بن مالك عند الشيخين والنسائي وابن ماجه . وعن نعيم النحام عند أحمد . وعن أبي هريرة عند ابن عدي في الكامل . وعن صحابي لم يسم عند النسائي قوله : ( يأمر المنادي ) في رواية للبخاري ومسلم " يأمر المؤذن " وفي رواية للبخاري " يأمر مؤذنا " قوله : ( ينادي صلوا في رحالكم ) في رواية للبخاري " ثم يقول على أثره " يعني أثر الأذان " ألا صلوا في الرحال " وهو صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان .

وفي رواية لمسلم بلفظ " في آخر ندائه " قال القرطبي : يحتمل أن يكون المراد في آخره قبل الفراغ منه ، جمعا بينه وبين حديث ابن عباس المذكور في الباب . وحمل ابن خزيمة حديث ابن عباس على ظاهره وقال : إنه يقال ذلك بدلا من الحيعلة نظرا إلى المعنى لأن معنى حي على الصلاة : هلموا إليها ، ومعنى الصلاة في الرحال : تأخروا عن المجيء فلا يناسب إيراد اللفظين معا لأن أحدهما نقيض الآخر .

قال الحافظ : ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة في الرحال [ ص: 186 ] رخصة لمن أراد أن يترخص . ومعنى هلموا إلى الصلاة : ندب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة ولو بحمل المشقة . ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال { : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا ، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله } قوله : ( في رحالكم ) قال أهل اللغة : الرحل : المنزل وجمعه رحال ، سواء كان من حجر أو مدر أو خشب أو وبر أو صوف أو شعر أو غير ذلك قوله : ( في الليلة الباردة وفي الليلة المطيرة ) في رواية للبخاري " في الليلة الباردة أو المطيرة " وفي أخرى له " إذا كانت ليلة ذات برد ومطر " وفي صحيح أبي عوانة " ليلة باردة أو ذات مطر أو ذات ريح " وفيه أن كلا من الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة . ونقل ابن بطال فيه الإجماع ، لكن المعروف عند الشافعية أن الريح عذر في الليل فقط .

وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل .

وفي السنن من طريق أبي إسحاق عن نافع في هذا الحديث " في الليلة المطيرة والغداة القرة " وفيها بإسناد صحيح من حديث أبي المليح عن أبيه " أنهم مطروا يوما فرخص لهم " وكذلك في حديث ابن عباس المذكور في الباب " في يوم مطير " قال الحافظ : ولم أر في شيء من الأحاديث الترخيص لعذر الريح في النهار صريحا ، قوله : ( ليصل من شاء منكم في رحله ) فيه التصريح بأن الصلاة في الرحال لعذر المطر ونحوه رخصة وليست بعزيمة ، قوله ( في يوم مطير ) وفي رواية للبخاري " في يوم رزغ " بفتح الراء وسكون الزاي بعدها غين معجمة . قال في المحكم : الرزغ : الماء القليل ، وقيل : إنه طين ووحل

وفي رواية له ولابن السكن " في يوم ردغ " بالدال بدل الزاي قوله : ( إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله ، فلا تقل حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم ) في رواية للبخاري " فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة ، فأمره أن ينادي : الصلاة في الرحال " وفيه دليل على أن المؤذن في يوم المطر ونحوه من الأعذار لا يقول حي على الصلاة ، بل يجعل مكانها : صلوا في بيوتكم . وبوب على حديث ابن عباس هنا ابن خزيمة ، وتبعه ابن حبان ثم المحب الطبري باب حذف حي عاد إلى الصلاة ، قوله : ( إن الجمعة عزمة ) بسكون الزاي ضد الرخصة قوله : ( أن أحرجكم ) بالحاء المهملة ثم راء ثم جيم .

وفي رواية " أن أخرجكم " بالخاء المعجمة . وفي رواية للبخاري " أؤثمكم " وهي ترجح رواية من روى بالحاء المهملة قوله : ( فتمشوا ) في رواية " فتجيئون فتدوسون الطين إلى ركبكم " والأحاديث المذكورة تدل على الترخيص في الخروج إلى الجماعة والجمعة عند حصول المطر وشدة البرد والريح . .

التالي السابق


الخدمات العلمية