صفحة جزء
[ ص: 227 ] باب هل يأخذ القوم مصافهم قبل الإمام أم لا

1136 - ( عن أبي هريرة { أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم مقامه } . رواه مسلم وأبو داود ) .

1137 - ( وعن أبي هريرة قال : { أقيمت الصلاة ، وعدلت الصفوف قياما قبل أن يخرج إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا ، فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب ، وقال لنا : مكانكم ، فمكثنا على هيئتنا - يعني قياما - ثم رجع فاغتسل ، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر ، فكبر فصلينا معه } . متفق عليه . ولأحمد والنسائي : حتى إذا قام في مصلاه وانتظرنا أن يكبر انصرف . وذكر نحوه ) .

1138 - ( وعن أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت } رواه الجماعة إلا ابن ماجه ، ولم يذكر البخاري فيه " قد خرجت " ) .


قوله : ( إن الصلاة كانت تقام ) المراد بالإقامة ذكر الألفاظ المشهورة المشعرة بالشروع في الصلاة . قوله : ( فيأخذ الناس مصافهم ) يعني مكانهم من الصف . قوله : ( قبل أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ) فيه اعتدال الصفوف قبل وصول الإمام إلى مكانه . قوله : ( قبل أن يخرج ) فيه جواز قيام المؤتمين وتعديل الصفوف قبل خروج الإمام ، وهو معارض لحديث أبي قتادة

ويجمع بينهما بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز ، وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سببا للنهي عن ذلك في حديث أبي قتادة ، وأنهم كانوا يقومون ساعة تقام الصلاة ولو لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطئ فيه عن الخروج فيشق عليهم انتظاره . قوله : ( ذكر أنه جنب ) قد تقدم الكلام على هذا في باب حكم الإمام إذا ذكر أنه محدث . قوله : ( مكانكم ) قد تقدم أنه منصوب بفعل مقدر

قوله : ( على هيئتنا ) بفتح الهاء بعدها ياء تحتانية ساكنة ثم همزة مفتوحة ثم مثناة فوقانية . والمراد بذلك أنهم امتثلوا أمره في قوله : " مكانكم " فاستمروا على الهيئة : أي الكيفية التي تركهم عليها وهي قيامهم في صفوفهم المعتدلة . وفي رواية للكشميهني " على [ ص: 228 ] هيئتنا " بكسر الهاء وبعد الياء نون مفتوحة ، والهيئة : الرفق ، قوله : ( يقطر ) في رواية للبخاري " ينطف " وهي بمعنى الأولى . قوله : ( وانتظرنا أن يكبر ) فيه أنه ذكر قبل أن يدخل في الصلاة ، وقد تقدم الاختلاف في ذلك

قوله : ( إذا أقيمت الصلاة ) أي ذكرت ألفاظ الإقامة كما تقدم . قوله : ( حتى تروني قد خرجت ) فيه أن قيام المؤتمين في المسجد إلى الصلاة يكون عند رؤية الإمام . وقد اختلف في ذلك ، فذهب الأكثرون إلى أنهم يقومون إذا كان الإمام معهم في المسجد عند فراغ الإقامة . وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة رواه ابن المنذر وغيره

. وعن سعيد بن المسيب : إذا قال المؤذن : الله أكبر ، وجب القيام . فإذا قال : قد قامت الصلاة ، كبر الإمام . وقال مالك في الموطأ : لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة بحد محدود ، إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن فيهم الثقيل والخفيف

وأما إذا لم يكن الإمام في المسجد ، فذهب الجمهور إلى أنهم يقومون حين يرونه ، وخالف البعض في ذلك وحديث الباب حجة عليه . وفي حديث الباب جواز الإقامة والإمام في منزله إذا كان يسمعها ، وتقدم إذنه في ذلك وهو معارض لحديث جابر بن سمرة { أن بلالا كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم } ويجمع بينهما بأن بلالا كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم ، فلأول ما يراه يشرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس ، ثم إذا رأوه قاموا ، فلا يقوم في مقامه حتى تعتدل صفوفهم

ويشهد له ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب { أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذن : الله أكبر ، يقومون إلى الصلاة فلا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى تعتدل الصفوف } وقد تقدم مثل هذا في باب الأذان في أول الوقت .

التالي السابق


الخدمات العلمية