صفحة جزء
1183 - ( وعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رواح الجمعة واجب على كل محتلم } رواه النسائي ) .

[ ص: 270 ] ( وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض } رواه أبو داود ، وقال : طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا ) .


الحديث الأول رجال إسناده رجال الصحيح إلا عياش بن عياش وقد وثقه العجلي . والحديث الآخر أخرجه أيضا الحاكم من حديث طارق هذا عن أبي موسى ، قال الحافظ : وصححه غير واحد . وقال الخطابي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، وطارق بن شهاب لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قد لقي النبي . قال العراقي : فإذا قد ثبتت صحته ، فالحديث صحيح ، وغايته أن يكون مرسل صحابي وهو حجة عند الجمهور ، إنما خالف فيه أبو إسحاق الإسفراييني ، بل ادعى بعض الحنفية الإجماع على أن مرسل الصحابي حجة ا هـ على أنه قد اندفع الإعلال بالإرسال بما في رواية الحاكم من ذكر أبي موسى . وقد شد من عضد هذا الحديث حديث حفصة المذكور في الباب . ويؤيده أيضا ما أخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث جابر بلفظ : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة ، إلا امرأة أو مسافرا أو عبدا أو مريضا } وفي إسناده ابن لهيعة ومعاذ بن محمد الأنصاري وهما ضعيفان وفي الباب عن تميم الداري عند العقيلي والحاكم أبي أحمد وفيه أربعة ضعفاء على الولاء قاله ابن القطان . وعن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط . وعن مولى لآل الزبير عند البيهقي . وعن أبي هريرة ذكره الحافظ في التلخيص وذكره صاحب مجمع الزوائد ، وقال : فيه إبراهيم بن حماد ضعفه الدارقطني وعن أم عطية بلفظ { نهينا عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا } أخرجه ابن خزيمة . وقد استدل بحديثي الباب على أن الجمعة من فرائض الأعيان ، وقد تقدم الكلام على ذلك . قوله : ( عبد مملوك ) فيه أن الجمعة غير واجبة على العبد . وقال داود : إنها واجبة عليه لدخوله تحت عموم الخطاب .

قوله : ( أو امرأة ) فيه عدم وجوب الجمعة على النساء ، أما غير العجائز فلا خلاف في ذلك . وأما العجائز فقال الشافعي : يستحب لهن حضورها . قوله : ( أو صبي ) فيه أن الجمعة غير واجبة على الصبيان وهو مجمع عليه . قوله : ( أو مريض ) فيه أن المريض لا تجب عليه الجمعة إذا كان الحضور يجلب عليه مشقة . وقد ألحق به الإمام يحيى وأبو حنيفة : الأعمى وإن وجد قائدا لما في ذلك من المشقة .

وقال الشافعي : إنه غير معذور عن الحضور إن وجد قائدا . وظاهر حديث أبي هريرة وابن أم مكتوم [ ص: 271 ] المتقدمين في شرح الحديث الذي في أول هذا الباب أنه غير معذور مع سماعه للنداء وإن لم يجد قائدا لعدم الفرق بين الجمعة وغيرها من الصلوات . وقد تقدم الكلام على الحديثين في أول أبواب الجماعة .

واختلف في المسافر هل تجب عليه الجمعة إذا كان نازلا أم لا ؟ فقال الفقهاء وزيد بن علي والناصر والباقر والإمام يحيى : إنها لا تجب عليه ولو كان نازلا وقت إقامتها . واستدلوا بما تقدم في حديث جابر من استثناء المسافر ، وكذا استثناء المسافر في حديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه . وقال الهادي والقاسم وأبو العباس والزهري والنخعي : إنها تجب على المسافر إذا كان نازلا وقت إقامتها ، لا إذا كان سائرا .

ومحل الخلاف هل يطلق اسم المسافر على من كان نازلا أو يختص بالسائر ، وقد تقدم الكلام على ذلك في أبواب صلاة السفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية