1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة الفاتحة
  4. الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب وفضل الحامدين
صفحة جزء
السادسة : أثنى الله سبحانه بالحمد على نفسه ، وافتتح كتابه بحمده ، ولم يأذن في ذلك لغيره ; بل نهاهم عن ذلك في كتابه وعلى لسان نبيه عليه السلام فقال : فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى . وقال عليه السلام : احثوا في وجوه المداحين التراب رواه المقداد . وسيأتي القول فيه في " النساء " إن شاء الله تعالى .

فمعنى الحمد لله رب العالمين أي سبق الحمد مني لنفسي أن يحمدني أحد من العالمين وحمدي نفسي لنفسي في الأزل لم يكن بعلة ، وحمدي الخلق مشوب بالعلل . قال علماؤنا : فيستقبح من المخلوق الذي لم يعط الكمال أن يحمد نفسه ليستجلب لها المنافع ويدفع عنها المضار . وقيل : لما علم سبحانه عجز عباده عن حمده ، حمد نفسه بنفسه لنفسه في الأزل ; فاستفراغ طوق عباده هو محل العجز عن حمده . ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله : لا أحصي ثناء عليك . وأنشدوا : [ ص: 133 ]

إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نثني وفوق الذي نثني



وقيل : حمد نفسه في الأزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم على القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم ; لتكون النعمة أهنأ لديهم ، حيث أسقط به ثقل المنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية