1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة الفاتحة
  4. الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب وفضل الحامدين
صفحة جزء
السابعة : وأجمع القراء السبعة وجمهور الناس على رفع الدال من الحمد لله . وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجاج : الحمد لله بنصب الدال ; وهذا على إضمار فعل . ويقال : الحمد لله بالرفع مبتدأ وخبر ، وسبيل الخبر أن يفيد ; فما الفائدة في هذا ؟ فالجواب أن سيبويه قال : إذا قال الرجل الحمد لله بالرفع ففيه من المعنى مثل ما في قولك : حمدت الله حمدا ; إلا أن الذي يرفع الحمد يخبر أن الحمد منه ومن جميع الخلق لله ; والذي ينصب الحمد يخبر أن الحمد منه وحده لله . وقال غير سيبويه . إنما يتكلم بهذا تعرضا لعفو الله ومغفرته وتعظيما له وتمجيدا ; فهو خلاف معنى الخبر وفيه معنى السؤال . وفي الحديث : من شغل بذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين . وقيل : إن مدحه عز وجل لنفسه وثناءه عليها ليعلم ذلك عباده ; فالمعنى على هذا : قولوا الحمد لله . قالالطبري : الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه ، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه ; فكأنه قال : قولوا الحمد لله ; وعلى هذا يجيء قولوا إياك . وهذا من حذف العرب ما يدل ظاهر الكلام عليه ; كما قال الشاعر :

وأعلم أنني سأكون رمسا إذا سار النواعج لا يسير     فقال السائلون لمن حفرتم
فقال القائلون لهم وزير



المعنى : المحفور له وزير فحذف لدلالة ظاهر الكلام عليه ، وهذا كثير . وروي عن ابن أبي عبلة : الحمد لله بضم الدال واللام على إتباع الثاني الأول ; وليتجانس اللفظ ، وطلب التجانس في اللفظ كثير في كلامهم ; نحو : أجوءك ، وهو منحدر من الجبل ، بضم الدال والجيم . قال : اضرب الساقين أمك هابل [ ص: 134 ] بضم النون لأجل ضم الهمزة . وفي قراءة لأهل مكة " مردفين " بضم الراء إتباعا للميم ، وعلى ذلك " مقتلين " بضم القاف . وقالوا : لإمك ، فكسروا الهمزة إتباعا للام ; وأنشد للنعمان بن بشير :

ويل امها في هواء الجو طالبة     ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب



الأصل : ويل لأمها ; فحذفت اللام الأولى واستثقل ضم الهمزة بعد الكسرة فنقلها للام ثم أتبع اللام الميم . وروي عن الحسن بن أبي الحسن وزيد بن علي : الحمد لله بكسر الدال على اتباع الأول الثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية