قوله تعالى : 
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا  [ ص: 301 ] فيه عشر مسائل : 
الأولى : قوله تعالى : ضربتم سافرتم ، وقد تقدم . واختلف العلماء في حكم 
القصر في السفر ؛ فروي عن جماعة أنه فرض . وهو قول 
عمر بن عبد العزيز  والكوفيين 
والقاضي إسماعيل   nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان  ؛ واحتجوا بحديث 
عائشة  رضي الله عنها ( فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ) الحديث ، ولا حجة فيه لمخالفتها له ؛ فإنها كانت تتم في السفر وذلك يوهنه . وإجماع فقهاء الأمصار على أنه ليس بأصل يعتبر في صلاة المسافر خلف المقيم ؛ وقد قال غيرها من الصحابة 
كعمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم    : ( إن الصلاة فرضت في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة ) رواه 
مسلم  عن 
ابن عباس    . ثم إن حديث 
عائشة  قد رواه 
ابن عجلان  عن 
صالح بن كيسان  عن 
عروة  عن 
عائشة  قالت : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832698فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتين ركعتين   . وقال فيه 
الأوزاعي  عن 
ابن شهاب  عن 
عروة  عن 
عائشة  قالت : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832698فرض الله الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ركعتين ؛ الحديث ، وهذا اضطراب . ثم إن قولها : ( فرضت الصلاة ) ليس على ظاهره ؛ فقد خرج عنه صلاة المغرب والصبح ؛ فإن المغرب ما زيد فيها ولا نقص منها . وكذلك الصبح ، وهذا كله - يضعف متنه لا سنده . وحكى 
ابن الجهم  أن 
أشهب  روى عن 
مالك  أن القصر فرض ، ومشهور مذهبه وجل أصحابه وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة ، وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ، وهو الصحيح على ما يأتي بيانه إن شاء الله . ومذهب عامة البغداديين من المالكيين أن الفرض التخيير ؛ وهو قول أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    . ثم اختلفوا في أيهما أفضل ؛ فقال بعضهم : القصر أفضل ؛ وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري  وغيره . وقيل : إن الإتمام أفضل ؛ وحكي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    . وحكى 
أبو سعيد الفروي  المالكي أن الصحيح في مذهب 
مالك  التخيير للمسافر في الإتمام والقصر   . 
قلت : وهو الذي يظهر من قوله سبحانه وتعالى : 
فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إلا أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا  رحمه الله يستحب له القصر ، وكذلك يرى عليه الإعادة في الوقت إن أتم . وحكى 
أبو مصعب  في " مختصره " عن 
مالك  وأهل المدينة   قال : القصر في السفر للرجال والنساء سنة . قال 
أبو عمر    : وحسبك بهذا في مذهب 
مالك  ، مع أنه لم يختلف قوله : أن من أتم في السفر يعيد ما دام في الوقت ؛ وذلك استحباب عند من فهم ، لا إيجاب . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    :   
[ ص: 302 ] القصر في غير الخوف بالسنة ، وأما في الخوف مع السفر فبالقرآن والسنة ؛ ومن صلى أربعا فلا شيء عليه ، ولا أحب لأحد أن يتم في السفر رغبة عن السنة . وقال 
أبو بكر الأثرم    : قلت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل  للرجل أن يصلي في السفر أربعا ؟ قال : لا ، ما يعجبني ، السنة ركعتان . وفي موطأ 
مالك  عن 
ابن شهاب  nindex.php?page=hadith&LINKID=832699عن رجل من آل خالد بن أسيد  ، أنه سأل عبد الله بن عمر  فقال : يا أبا عبد الرحمن  إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ولا نجد صلاة السفر ؟ فقال عبد الله بن عمر    : يا ابن أخي إن الله تبارك وتعالى بعث إلينا محمدا  صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا ، فإنا نفعل كما رأيناه يفعل   . ففي هذا الخبر قصر الصلاة في السفر من غير خوف سنة لا فريضة ؛ لأنها لا ذكر لها في القرآن ، وإنما القصر المذكور في القرآن إذا كان سفرا وخوفا واجتمعا ؛ فلم يبح القصر في كتابه إلا مع هذين الشرطين . ومثله في القرآن : 
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح الآية ، وقد تقدم . ثم قال تعالى : 
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة أي فأتموها ؛ وقصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أربع إلى اثنتين إلا المغرب في أسفاره كلها آمنا لا يخاف إلا الله تعالى ؛ فكان ذلك سنة مسنونة منه صلى الله عليه وسلم ، زيادة في أحكام الله تعالى كسائر ما سنه وبينه ، مما ليس له في القرآن ذكر . وقوله : " كما رأيناه يفعل " مع حديث 
عمر  حيث 
nindex.php?page=hadith&LINKID=838796سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القصر في السفر من غير خوف ؛ فقال : تلك صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته يدل على أن الله تعالى قد يبيح الشيء في كتابه بشرط ثم يبيح ذلك الشيء على لسان نبيه من غير ذلك الشرط . وسأل 
حنظلة ابن عمر  عن صلاة السفر فقال : ركعتان . 
قلت : فأين قوله تعالى : 
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ونحن آمنون ؛ قال : سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهذا 
ابن عمر  قد أطلق عليها سنة ؛ وكذلك قال 
ابن عباس    . فأين المذهب عنهما ؟ قال 
أبو عمر    : ولم يقم 
مالك  إسناد هذا الحديث ؛ لأنه لم يسم الرجل الذي سأل 
ابن عمر  ، وأسقط من الإسناد رجلا ، والرجل الذي لم يسمه هو 
أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف  ، والله أعلم . 
الثانية : واختلف العلماء في 
حد المسافة التي تقصر فيها الصلاة ؛ فقال 
داود    : تقصر في كل سفر طويل أو قصير ، ولو كان ثلاثة أميال من حيث تؤتى الجمعة ؛ متمسكا بما رواه 
مسلم  عن 
يحيى بن يزيد الهنائي  قال : سألت 
أنس بن مالك  عن قصر الصلاة فقال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832700كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ - شعبة  الشاك - صلى ركعتين   . وهذا لا حجة فيه ؛ لأنه مشكوك فيه ، وعلى تقدير أحدهما فلعله حد المسافة التي بدأ منها القصر ،   
[ ص: 303 ] وكان سفرا طويلا زائدا على ذلك ، والله أعلم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي    : وقد تلاعب قوم بالدين فقالوا : إن من خرج من البلد إلى ظاهره قصر وأكل ، وقائل هذا أعجمي لا يعرف السفر عند العرب أو مستخف بالدين ، ولولا أن العلماء ذكروه لما رضيت أن ألمحه بمؤخر عيني ، ولا أفكر فيه بفضول قلبي . ولم يذكر حد السفر الذي يقع به القصر لا في القرآن ولا في السنة ، وإنما كان كذلك لأنها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين - خاطبهم الله تعالى بالقرآن ؛ فنحن نعلم قطعا أن من برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرا لغة ولا شرعا ، وإن مشى مسافرا ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعا . كما أنا نحكم على أن من مشى يوما وليلة كان مسافرا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832701لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم منها وهذا هو الصحيح ، لأنه وسط بين الحالين وعليه عول 
مالك  ، ولكنه لم يجد هذا الحديث متفقا عليه ، وروي مرة ( يوما وليلة ) ومرة ( ثلاثة أيام ) فجاء إلى 
عبد الله بن عمر  فعول على فعله ، فإنه كان يقصر الصلاة إلى رئم ، وهي أربعة برد ؛ لأن 
ابن عمر  كان كثير الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم . قال غيره : وكافة العلماء على أن 
القصر إنما شرع تخفيفا ، وإنما يكون في السفر الطويل الذي تلحق به المشقة غالبا ، فراعى 
مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  وأصحابهما 
 nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث   nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي  وفقهاء أصحاب الحديث 
أحمد  وإسحاق  وغيرهما يوما تاما . وقول 
مالك  يوما وليلة راجع إلى اليوم التام ، لأنه لم يرد بقوله : مسيرة يوم وليلة أن يسير النهار كله والليل كله ، وإنما أراد أن يسير سيرا يبيت فيه بعيدا عن أهله ولا يمكنه الرجوع إليهم . وفي 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري    : وكان 
ابن عمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  يفطران ويقصران في أربعة برد ، وهي ستة عشر فرسخا ، وهذا مذهب 
مالك    . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي   nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري    : ستة وأربعون ميلا . وعن 
مالك  في العتبية فيمن خرج إلى ضيعته على خمسة وأربعين ميلا قال : يقصر ، وهو أمر متقارب . وعن 
مالك  في الكتب المنثورة : أنه يقصر في ستة وثلاثين ميلا ، وهي تقرب من يوم وليلة . وقال 
يحيى بن عمر    : يعيد أبدا . 
ابن عبد الحكم    : في الوقت ! . وقال الكوفيون : لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام ؛ وهو قول 
عثمان   nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود  وحذيفة    . وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  عن 
ابن عمر  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832702لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم   . قال 
أبو حنيفة    : ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام . وقال 
الحسن   nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري    : تقصر الصلاة في مسيرة يومين ؛ وروي هذا القول عن 
مالك  ، ورواه 
أبو سعيد الخدري  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832703لا تسافر المرأة مسيرة ليلتين إلا مع زوج أو ذي   [ ص: 304 ] محرم   . وقصر 
ابن عمر  في ثلاثين ميلا ، 
وأنس  في خمسة عشر ميلا . وقال 
الأوزاعي    : عامة العلماء في القصر على اليوم التام ، وبه نأخذ . قال 
أبو عمر    : اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب كما ترى في ألفاظها ؛ ومجملها عندي - والله أعلم - أنها خرجت على أجوبة السائلين ، فحدث كل واحد بمعنى ما سمع ، كأنه قيل له صلى الله عليه وسلم في وقت ما : 
هل تسافر المرأة مسيرة يوم بغير محرم ؟ فقال : لا . وقيل له في وقت آخر : هل تسافر المرأة يومين بغير محرم ؟ فقال : لا . وقال له آخر : هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم ؟ فقال : لا . وكذلك معنى الليلة والبريد على ما روي ، فأدى كل واحد ما سمع على المعنى ، والله أعلم . ويجمع معاني الآثار في هذا الباب - وإن اختلفت ظواهرها - الحظر على المرأة أن تسافر سفرا يخاف عليها فيه الفتنة بغير محرم ، قصيرا كان أو طويلا . والله أعلم . 
الثالثة : واختلفوا في 
نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة ، فأجمع الناس على الجهاد والحج والعمرة وما ضارعها من صلة رحم وإحياء نفس . واختلفوا فيما سوى ذلك ، فالجمهور على جواز القصر في السفر المباح كالتجارة ونحوها . وروي عن 
ابن مسعود  أنه قال : لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد . وقال 
عطاء    : لا تقصر إلا في سفر طاعة وسبيل من سبل الخير . وروي عنه أيضا : تقصر في كل السفر المباح مثل قول الجمهور . وقال 
مالك    : إن خرج للصيد لا لمعاشه ولكن متنزها ، أو خرج لمشاهدة بلدة متنزها ومتلذذا لم يقصر . والجمهور من العلماء على أنه لا قصر في سفر المعصية ؛ كالباغي وقاطع الطريق وما في معناهما . وروي عن 
أبي حنيفة   nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي  إباحة القصر في جميع ذلك ، وروي عن 
مالك    . وقد تقدم في " البقرة " واختلف عن 
أحمد  ، فمرة قال بقول الجمهور ، ومرة قال : لا يقصر إلا في حج أو عمرة . والصحيح ما قاله الجمهور ، لأن القصر إنما شرع تخفيفا عن المسافر للمشقات اللاحقة فيه ، ومعونته على ما هو بصدده مما يجوز ، وكل الأسفار في ذلك سواء ؛ لقوله تعالى : 
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أي إثم 
أن تقصروا من الصلاة فعم . وقال عليه السلام 
nindex.php?page=hadith&LINKID=838801خير عباد الله الذين إذا سافروا قصروا وأفطروا   . وقال 
الشعبي    : إن الله يحب أن يعمل برخصه كما يحب أن يعمل بعزائمه   . وأما سفر المعصية فلا يجوز القصر فيه ؛ لأن ذلك يكون عونا له على معصية الله . والله تعالى يقول : 
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان 
 [ ص: 305 ] الرابعة : واختلفوا 
متى يقصر ، فالجمهور على أن المسافر لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية ، وحينئذ هو ضارب في الأرض ، وهو قول 
مالك  في المدونة . ولم يحد 
مالك  في القرب حدا . وروي عنه إذا كانت قرية تجمع أهلها فلا يقصر أهلها حتى يجاوزوها بثلاثة أميال ، وإلى ذلك في الرجوع . وإن كانت لا تجمع أهلها قصروا إذا جاوزوا بساتينها . وروي عن 
الحارث بن أبي ربيعة  أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله ، وفيهم 
الأسود بن يزيد  وغير واحد من أصحاب 
ابن مسعود  ، وبه قال 
عطاء بن أبي رباح   nindex.php?page=showalam&ids=16047وسليمان بن موسى    . 
قلت : ويكون معنى الآية على هذا : 
وإذا ضربتم في الأرض أي إذا عزمتم على الضرب في الأرض . والله أعلم . وروي عن 
مجاهد  أنه قال : لا يقصر المسافر يومه الأول حتى الليل . وهذا شاذ ؛ وقد ثبت من حديث 
أنس بن مالك  nindex.php?page=hadith&LINKID=832704أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة  أربعا وصلى العصر بذي الحليفة  ركعتين . أخرجه الأئمة ، وبين 
ذي الحليفة  والمدينة  نحو من ستة أميال أو سبعة . 
الخامسة : 
وعلى المسافر أن ينوي القصر من حين الإحرام ؛ فإن افتتح الصلاة بنية القصر ثم عزم على المقام في أثناء صلاته جعلها نافلة ، وإن كان ذلك بعد أن صلى منها ركعة أضاف إليها أخرى وسلم ، ثم صلى صلاة مقيم . قال 
الزهري  وابن الجلاب    : هذا - والله أعلم - استحباب ولو بنى على صلاته وأتمها أجزأته صلاته . قال 
أبو عمر    : هو عندي كما قالا ؛ لأنها ظهر ، سفرية كانت أو حضرية وكذلك سائر الصلوات الخمس . 
السادسة : واختلف العلماء من هذا الباب في 
مدة الإقامة التي إذا نواها المسافر أتم ؛ فقال 
مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي   nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد   nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري   nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور    : إذا نوى الإقامة أربعة أيام أتم ؛ وروي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب    . وقال 
أبو حنيفة  وأصحابه 
 nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري    : إذا نوى إقامة خمس عشرة ليلة أتم ، وإن كان أقل قصر . وهو قول 
ابن عمر   nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ولا مخالف لهما من الصحابة فيما ذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي  ، وروي عن 
سعيد  أيضا . وقال 
أحمد    : إذا جمع المسافر مقام إحدى وعشرين صلاة مكتوبة قصر ، وإن زاد على ذلك أتم ، وبه قال 
داود    . والصحيح ما قاله 
مالك  ؛ لحديث 
ابن الحضرمي  nindex.php?page=hadith&LINKID=838803عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل للمهاجر أن يقيم بمكة  بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام ثم يصدر   . أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي   nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه  وغيرهما . ومعلوم أن الهجرة إذ كانت مفروضة قبل الفتح كان المقام 
بمكة  لا يجوز ؛ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم للمهاجر ثلاثة أيام لتقضية حوائجه وتهيئة أسبابه ، ولم يحكم لها بحكم المقام ولا في حيز الإقامة ، وأبقى عليه فيها حكم المسافر ، ومنعه من مقام   
[ ص: 306 ] الرابع ، فحكم له بحكم الحاضر القاطن ؛ فكان ذلك أصلا معتمدا عليه . ومثله ما فعله 
عمر  رضي الله عنه حين أجلى اليهود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فجعل لهم مقام ثلاثة أيام في قضاء أمورهم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي    : وسمعت بعض أحبار المالكية يقول : إنما كانت الثلاثة الأيام خارجة عن حكم الإقامة ؛ لأن الله تعالى أرجأ فيها من أنزل به العذاب وتيقن الخروج عن الدنيا ؛ فقال تعالى : 
تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب   . 
وفي المسألة قول غير هذه الأقوال ، وهو أن المسافر يقصر أبدا حتى يرجع إلى وطنه ، أو ينزل وطنا له . روي عن 
أنس  أنه أقام سنتين 
بنيسابور  يقصر الصلاة . وقال 
أبو مجلز    : قلت 
 nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر    : إني آتي 
المدينة  فأقيم بها السبعة الأشهر والثمانية طالبا حاجة ، فقال : صل ركعتين . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي    : أقمنا 
بسجستان  ومعنا رجال من أصحاب 
ابن مسعود  سنتين نصلي ركعتين   . وأقام 
ابن عمر  بأذربيجان  يصلي ركعتين ركعتين ؛ وكان الثلج حال بينهم وبين القفول : قال 
أبو عمر    : محمل هذه الأحاديث عندنا على ألا نية لواحد من هؤلاء المقيمين هذه المدة ؛ وإنما مثل ذلك أن يقول : أخرج اليوم ، أخرج غدا ؛ وإذا كان هكذا فلا عزيمة هاهنا على الإقامة . 
السابعة : روى 
مسلم  عن 
عروة  nindex.php?page=hadith&LINKID=832705عن عائشة  قالت : فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ، ثم أتمها في الحضر ، وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى   . قال 
الزهري    : فقلت 
لعروة  ما بال 
عائشة  تتم في السفر ؟ قال : إنها تأولت ما تأول 
عثمان    . وهذا جواب ليس بموعب . وقد اختلف الناس في تأويل إتمام 
عثمان   nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة  رضي الله عنهما على أقوال : فقال 
معمر  عن 
الزهري    : إن 
عثمان  رضي الله عنه إنما صلى 
بمنى  أربعا لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج   . وروى 
مغيرة  عن 
إبراهيم  أن 
عثمان  صلى أربعا لأنه اتخذها وطنا . وقال 
يونس  عن 
الزهري  قال : لما اتخذ 
عثمان  الأموال 
بالطائف  وأراد أن يقيم بها صلى أربعا   . قال : ثم أخذ به الأئمة بعده . وقال 
أيوب  عن 
الزهري  ، إن 
عثمان بن عفان  أتم الصلاة 
بمنى  من أجل الأعراب ؛ لأنهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعا ليعلمهم أن الصلاة أربع . ذكر هذه الأقوال كلها 
أبو داود  في مصنفه في كتاب المناسك في باب الصلاة 
بمنى    . وذكر 
أبو عمر  في ( التمهيد ) قال 
ابن   [ ص: 307 ] جريج    : وبلغني إنما أوفاها 
عثمان  أربعا 
بمنى  ، من أجل أن أعرابيا ناداه في 
مسجد الخيف بمنى  فقال : يا أمير المؤمنين ، ما زلت أصليها ركعتين منذ رأيتك عام الأول ؛ فخشي 
عثمان  أن يظن جهال الناس أنما الصلاة ركعتان . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج    : وإنما أوفاها 
بمنى  فقط . قال 
أبو عمر    : وأما التأويلات في إتمام 
عائشة  فليس منها شيء يروى عنها ، وإنما هي ظنون وتأويلات لا يصحبها دليل . وأضعف ما قيل في ذلك : إنها أم المؤمنين ، وإن الناس حيث كانوا هم بنوها ، وكان منازلهم منازلها ، وهل كانت أم المؤمنين إلا أنها زوج النبي أبي المؤمنين صلى الله عليه وسلم وهو الذي سن القصر في أسفاره وفي غزواته وحجه وعمره . وفي قراءة 
أبي بن كعب  ومصحفه " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم " . وقال 
مجاهد  في قوله تعالى : 
هؤلاء بناتي هن أطهر لكم قال : لم يكن بناته ولكن كن نساء أمته ، وكل نبي فهو أبو أمته . 
قلت : وقد اعترض على هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مشرعا ، وليست هي كذلك فانفصلا . وأضعف من هذا قول من قال : إنها حيث أتمت لم تكن في سفر جائز ؛ وهذا باطل قطعا ، فإنها كانت أخوف لله وأتقى من أن تخرج في سفر لا يرضاه . وهذا التأويل عليها من أكاذيب 
الشيعة  المبتدعة وتشنيعاتهم ؛ سبحانك هذا بهتان عظيم ! وإنما خرجت رضي الله عنها مجتهدة محتسبة تريد أن تطفئ نار الفتنة ، إذ هي أحق أن يستحيا منها فخرجت الأمور عن الضبط . وسيأتي بيان هذا المعنى إن شاء الله تعالى . وقيل : إنها أتمت لأنها لم تكن ترى القصر إلا في الحج والعمرة والغزوة . وهذا باطل ؛ لأن ذلك لم ينقل عنها ولا عرف من مذهبها ، ثم هي قد أتمت في سفرها إلى 
علي    . وأحسن ما قيل في قصرها وإتمامها أنها أخذت برخصة الله ؛ لتري الناس ، أن 
الإتمام ليس فيه حرج وإن كان غيره أفضل   . وقد قال 
عطاء    : القصر سنة ورخصة ، وهو الراوي عن 
عائشة  nindex.php?page=hadith&LINKID=838805أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام وأفطر وأتم الصلاة وقصر في السفر ، رواه 
أبو طلحة بن عمر    . وعنه قال : كل ذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صام وأفطر وقصر الصلاة وأتم . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  بإسناد صحيح 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832706أن عائشة  اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة  إلى مكة  حتى إذا قدمت مكة  قالت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ! قصرت وأتممت وأفطرت وصمت ؟ فقال : أحسنت يا عائشة  وما عاب علي   . كذا هو مقيد بفتح التاء الأولى وضم الثانية في الكلمتين . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني  عن 
عائشة  nindex.php?page=hadith&LINKID=838807أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم ؛ قال إسناده صحيح . 
الثامنة : قوله تعالى : 
أن تقصروا من الصلاة أن في موضع نصب ، أي في أن   
[ ص: 308 ] تقصروا . قال 
أبو عبيد    : فيها ثلاث لغات : قصرت الصلاة وقصرتها وأقصرتها . واختلف العلماء في تأويله ، فذهب جماعة من العلماء إلى أنه القصر إلى اثنتين من أربع في الخوف وغيره ؛ لحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  على ما يأتي . وقال آخرون : إنما هو قصر الركعتين إلى ركعة ، والركعتان في السفر إنما هي تمام ، كما قال 
عمر  رضي الله عنه : تمام غير قصر ، وقصرها أن تصير ركعة . قال السدي : إذا صليت في السفر ركعتين فهو تمام ، والقصر لا يحل إلا أن تخاف ، فهذه الآية مبيحة أن تصلي كل طائفة ركعة لا تزيد عليها شيئا ، ويكون للإمام ركعتان   . وروي نحوه عن 
ابن عمر   nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله  وكعب  ، وفعله 
حذيفة  بطبرستان  وقد سأله الأمير 
سعيد بن العاص  عن ذلك . وروى 
ابن عباس  nindex.php?page=hadith&LINKID=838808أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى كذلك في غزوة ذي قرد  ركعة لكل طائفة ولم يقضوا   . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله  أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعة سحابة يوم محارب خصفة  وبني ثعلبة    . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة  أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى كذلك بين 
ضجنان  وعسفان    . 
قلت : وفي صحيح 
مسلم  عن 
ابن عباس  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832707فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة   . وهذا يؤيد هذا القول ويعضده ، إلا أن القاضي 
أبا بكر بن العربي  ذكر في كتابه المسمى ( بالقبس ) : قال علماؤنا رحمة الله عليهم هذا الحديث مردود بالإجماع . 
قلت : وهذا لا يصح ، وقد ذكر هو وغيره الخلاف والنزاع فلم يصح ما ادعوه من الإجماع وبالله التوفيق . وحكى 
 nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي الحنفي  في ( أحكام القرآن ) أن المراد بالقصر هاهنا 
القصر في صفة الصلاة بترك الركوع والسجود إلى الإيماء ، وبترك القيام إلى الركوع . وقال آخرون : هذه الآية مبيحة للقصر من حدود الصلاة وهيئتها عند المسايفة واشتعال الحرب ، فأبيح لمن هذه حاله أن يصلي إيماء برأسه ، ويصلي ركعة واحدة حيث توجه ، إلى تكبيرة ؛ على ما تقدم في " البقرة " . ورجح 
الطبري  هذا القول وقال : إنه يعادله قوله تعالى : 
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة أي بحدودها وهيئتها الكاملة . 
قلت : هذه الأقوال الثلاثة في المعنى متقاربة ، وهي مبنية على أن فرض المسافر القصر ، وإن الصلاة في حقه ما نزلت إلا ركعتين ، فلا قصر . ولا يقال في العزيمة لا جناح ، ولا يقال فيما شرع ركعتين إنه قصر ، كما لا يقال في صلاة الصبح ذلك . وذكر الله تعالى القصر بشرطين والذي يعتبر فيه الشرطان صلاة الخوف ؛ هذا ما ذكره 
أبو بكر الرازي  في ( أحكام القرآن ) واحتج به ، ورد عليه بحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  على ما يأتي آنفا إن شاء الله تعالى .  
[ ص: 309 ] التاسعة : قوله تعالى : 
إن خفتم خرج الكلام على الغالب ، إذ كان الغالب على المسلمين الخوف في الأسفار ؛ ولهذا 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832708قال  nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  قلت لعمر    : ما لنا نقصر وقد أمنا . قال عمر    : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته   . 
قلت : وقد استدل أصحاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وغيرهم على الحنفية بحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  هذا فقالوا : إن قوله : " ما لنا نقصر وقد أمنا " دليل قاطع على أن مفهوم الآية القصر في الركعات . قال 
الكيا الطبري    : ولم يذكر أصحاب 
أبي حنيفة  على هذا تأويلا يساوي الذكر ؛ ثم إن صلاة الخوف لا يعتبر فيها الشرطان ؛ فإنه لو لم يضرب في الأرض ولم يوجد السفر بل جاءنا الكفار وغزونا في بلادنا فتجوز صلاة الخوف ؛ فلا يعتبر وجود الشرطين على ما قاله . وفي قراءة 
أبي    " أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا " بسقوط إن خفتم . والمعنى على قراءته : كراهية أن يفتنكم الذين كفروا . وثبت في مصحف 
عثمان  رضي الله عنه إن خفتم . وذهب جماعة إلى أن هذه الآية إنما هي مبيحة للقصر في السفر للخائف من العدو ؛ فمن كان آمنا فلا قصر له . روي 
عن عائشة  رضي الله عنها أنها كانت تقول في السفر : أتموا صلاتكم ؛ فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر ، فقالت : إنه كان في حرب وكان يخاف ، وهل أنتم تخافون ؟   . وقال 
عطاء    : كان يتم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 
عائشة   nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص   وأتم 
عثمان  ، ولكن ذلك معلل بعلل تقدم بعضها . وذهب جماعة إلى أن الله تعالى لم يبح القصر في كتابه إلا بشرطين : السفر والخوف ، وفي غير الخوف بالسنة ، منهم 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  وقد تقدم . وذهب آخرون إلى أن قوله تعالى : 
إن خفتم ليس متصلا بما قبل ، وأن الكلام تم عند قوله : من الصلاة ثم افتتح فقال : 
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فأقم لهم يا 
محمد  صلاة الخوف . وقوله : 
إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا كلام معترض ، قاله 
الجرجاني  وذكره 
المهدوي  وغيرهما . ورد هذا القول 
القشيري   nindex.php?page=showalam&ids=12815والقاضي أبو بكر بن العربي    . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر    : وفي الحمل على هذا تكلف شديد ، وإن أطنب الرجل - يريد 
الجرجاني    - في التقدير وضرب الأمثلة . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي    : وهذا كله لم يفتقر إليه 
عمر  ولا ابنه ولا 
 nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  معهما . 
قلت : قد جاء حديث بما قاله 
الجرجاني  ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=13170القاضي أبو الوليد بن رشد  في مقدماته ، 
وابن عطية  أيضا في تفسيره عن 
علي بن أبي طالب  رضي الله عنه أنه قال : 
سأل قوم من التجار   [ ص: 310 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل الله تعالى : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ثم انقطع الكلام ، فلما كان بعد ذلك بحول غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر ، فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد  وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهم أخرى في أثرها فأنزل الله تعالى بين الصلاتين إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إلى آخر صلاة الخوف   . فإن صح هذا الخبر فليس لأحد معه مقال ، ويكون فيه دليل على القصر في غير الخوف بالقرآن . وقد روي عن 
ابن عباس  أيضا مثله ، قال : إن قوله تعالى : 
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة نزلت في الصلاة في السفر ، ثم نزل 
إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا في الخوف بعدها بعام . فالآية على هذا تضمنت قضيتين وحكمين . فقوله : 
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة يعني به في السفر ؛ وتم الكلام ، ثم ابتداء فريضة أخرى فقدم الشرط ، والتقدير : إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة . والواو زائدة ، والجواب فلتقم طائفة منهم معك . وقوله : 
إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا اعتراض . وذهب قوم إلى أن ذكر الخوف منسوخ بالسنة ، وهو حديث 
عمر  إذ روى 
nindex.php?page=hadith&LINKID=832709أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته   . قال 
النحاس    : من جعل قصر النبي صلى الله عليه وسلم في غير خوف وفعله في ذلك ناسخا للآية فقد غلط ؛ لأنه ليس في الآية منع للقصر في الأمن ، وإنما فيها 
إباحة القصر في الخوف فقط . 
العاشرة : قوله تعالى : 
أن يفتنكم الذين كفروا قال 
الفراء    : 
أهل الحجاز   يقولون فتنت الرجل . 
وربيعة  وقيس  وأسد  وجميع 
أهل نجد  يقولون أفتنت الرجل . وفرق 
الخليل   nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه  بينهما فقالا : فتنته جعلت فيه فتنة مثل أكحلته ، وأفتنته جعلته مفتتنا . وزعم 
الأصمعي  أنه لا يعرف أفتنته . 
إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا عدوا هاهنا بمعنى أعداء . والله أعلم .