قوله تعالى وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين قوله تعالى 
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض أي ملك ، وزيدت الواو والتاء للمبالغة في الصفة . ومثله الرغبوت والرهبوت والجبروت . وقرأ 
أبو السمال العدوي    " ملكوت " بإسكان اللام . ولا يجوز عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه  حذف الفتحة لخفتها ، ولعلها لغة . ونري بمعنى أرينا ; فهو بمعنى المضي . فقيل : أراد به ما في السماوات من عبادة الملائكة والعجائب وما في الأرض من عصيان بني آدم ; فكان يدعو على من يراه يعصي فيهلكه الله ، فأوحى الله إليه يا 
إبراهيم  أمسك عن عبادي ، أما علمت أن من أسمائي الصبور . روى معناه 
علي  عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : كشف الله له عن السماوات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين .   
[ ص: 23 ] وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج  عن 
القاسم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي  قال : فرجت له السماوات السبع فنظر إليهن حتى انتهى إلى العرش ، وفرجت له الأرضون فنظر إليهن ، ورأى مكانه في الجنة ; فذلك قوله : 
وآتيناه أجره في الدنيا عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي    . وقال 
الضحاك    : أراه من ملكوت السماء ما قصه من الكواكب ، ومن ملكوت الأرض البحار والجبال والأشجار ، ونحو ذلك مما استدل به . وقال بنحوه 
ابن عباس    . وقال : جعل حين ولد في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه فكان يمصها ، وكان 
نمروذ  اللعين رأى رؤيا فعبرت له أنه يذهب ملكه على يدي مولود يولد ; فأمر بعزل الرجال عن النساء . وقيل : أمر بقتل كل مولود ذكر . وكان 
آزر  من المقربين عند الملك 
نمروذ  فأرسله يوما في بعض حوائجه فواقع امرأته فحملت 
بإبراهيم    . وقيل : بل واقعها في بيت الأصنام فحملت وخرت الأصنام على وجوهها حينئذ ; فحملها إلى بعض الشعاب حتى ولدت 
إبراهيم  ، وحفر 
لإبراهيم  سربا في الأرض ووضع على بابه صخرة لئلا تفترسه السباع ; وكانت أمه تختلف إليه فترضعه ، وكانت تجده يمص أصابعه ، من أحدها عسل ومن الآخر ماء ومن الآخر لبن ، وشب فكان على سنة مثل ابن ثلاث سنين . فلما أخرجه من السرب توهمه الناس أنه ولد منذ سنين ; فقال لأمه : من ربي ؟ فقالت أنا . فقال : ومن ربك ؟ قالت أبوك . قال : ومن ربه ؟ قالت 
نمروذ .  قال : ومن ربه ؟ فلطمته ، وعلمت أنه الذي يذهب ملكهم على يديه . والقصص في هذا تام في قصص الأنبياء 
 nindex.php?page=showalam&ids=15080للكسائي  ، وهو كتاب مما يقتدى به . وقال بعضهم : كان مولده 
بحران  ولكن أبوه نقله إلى أرض 
بابل    . وقال عامة السلف من أهل العلم : ولد 
إبراهيم  في زمن 
النمروذ بن كنعان بن سنجاريب بن كوش بن سام بن نوح    . وقد مضى ذكره في " البقرة " . وكان بين الطوفان وبين مولد 
إبراهيم  ألف ومائتا سنة وثلاث وستون سنة ; وذلك بعد خلق 
آدم  بثلاثة آلاف سنة وثلاثمائة سنة وثلاثين سنة . 
قوله تعالى 
وليكون من الموقنين أي وليكون من الموقنين أريناه ذلك ; أي   
[ ص: 24 ] الملكوت .