[ ص: 101 ] قوله تعالى ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين قوله تعالى 
ومن الأنعام حمولة وفرشا عطف على ما تقدم . أي وأنشأ حمولة وفرشا من الأنعام . وللعلماء في الأنعام ثلاثة أقوال : أحدها : أن الأنعام الإبل خاصة ; وسيأتي في " النحل " بيانه . الثاني : أن الأنعام الإبل وحدها ، وإذا كان معها بقر وغنم فهي أنعام أيضا . الثالث : وهو أصحها قاله 
أحمد بن يحيى    : الأنعام كل ما أحله الله عز وجل من الحيوان . ويدل على صحة هذا قوله تعالى : 
أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم وقد تقدم . والحمولة ما أطاق الحمل والعمل ; عن 
ابن مسعود  وغيره . ثم قيل : يختص اللفظ بالإبل . وقيل : كل ما احتمل عليه الحي من حمار أو بغل أو بعير ; عن 
أبي زيد  ، سواء كانت عليه الأحمال أو لم تكن . 
قال 
عنترة    : 
ما راعني إلا حمولة أهلها وسط الديار تسف حب الحمحم 
وفعولة بفتح الفاء إذا كانت بمعنى الفاعل استوى فيها المؤنث والمذكر ; نحو قولك : رجل فروقة وامرأة فروقة للجبان والخائف . ورجل صرورة وامرأة صرورة إذا لم يحجا ; ولا جمع له . فإذا كانت بمعنى المفعول فرق بين المذكر والمؤنث بالهاء كالحلوبة والركوبة . والحمولة " بضم الحاء " : الأحمال . وأما الحمول " بالضم بلا هاء " فهي الإبل التي عليها الهوادج ، كان فيها نساء أو لم يكن ; عن 
أبي زيد    . 
وفرشا قال 
الضحاك    : الحمولة من الإبل والبقر . والفرش : الغنم . 
النحاس    : واستشهد لصاحب هذا القول بقوله : 
ثمانية أزواج قال : ف ( ثمانية ) بدل من قوله : 
حمولة وفرشا   . وقال 
الحسن    : الحمولة الإبل . والفرش : الغنم . وقال 
ابن عباس    : الحمولة كل ما حمل من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير . والفرش : الغنم . وقال 
ابن زيد    : الحمولة ما يركب ، والفرش ما يؤكل لحمه ويحلب ; مثل الغنم والفصلان والعجاجيل ; سميت فرشا للطافة أجسامها وقربها من الفرش ، وهي الأرض المستوية التي يتوطؤها الناس . قال الراجز : 
أورثني حمولة وفرشا     أمشها في كل يوم مشا 
 [ ص: 102 ] وقال آخر : 
وحوينا الفرش من أنعامكم     والحمولات وربات الحجل 
قال 
الأصمعي    : لم أسمع له بجمع . قال : ويحتمل أن يكون مصدرا سمي به ; من قولهم : فرشها الله فرشا ، أي بثها بثا . والفرش : المفروش من متاع البيت . والفرش : الزرع إذا فرش . والفرش : الفضاء الواسع . والفرش في رجل البعير : اتساع قليل ، وهو محمود . وافترش الشيء انبسط ; فهو لفظ مشترك . وقد يرجع قوله تعالى : وفرشا إلى هذا . قال 
النحاس    : ومن أحسن ما قيل فيهما أن الحمولة المسخرة المذللة للحمل . والفرش ما خلقه الله عز وجل من الجلود والصوف مما يجلس عليه ويتمهد . وباقي الآية قد تقدم .