قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون روي أنها نزلت في 
أبي لبابة بن عبد المنذر  حين أشار إلى 
بني قريظة  بالذبح . قال 
أبو لبابة    : والله ما زالت قدماي حتى علمت أني قد خنت الله ورسوله ; فنزلت هذه الآية . فلما نزلت شد نفسه إلى سارية من سواري المسجد ، وقال : والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت ، أو يتوب الله علي . الخبر مشهور . وعن 
عكرمة  قال : 
لما كان شأن قريظة  بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا  رضي الله عنه فيمن كان عنده من الناس ; فلما انتهى إليهم وقعوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء جبريل  عليه السلام على فرس أبلق فقالت عائشة  رضي الله عنها : فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه جبريل  عليهما السلام ; فقلت : هذا دحية  يا رسول الله ؟ فقال : هذا جبريل  عليه السلام . قال : يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة  أن تأتيهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكيف لي بحصنهم ؟ فقال جبريل    : فإني أدخل فرسي هذا عليهم . فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا معرورى ; فلما رآه علي  رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، لا عليك ألا تأتيهم ، فإنهم يشتمونك . فقال : كلا إنها ستكون تحية . فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا إخوة القردة والخنازير . فقالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت فحاشا ! فقالوا : لا ننزل على حكم محمد  ، ولكنا ننزل على حكم  nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ    ; فنزل . فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بذلك طرقني الملك سحرا . فنزل فيهم ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون   .   
[ ص: 354 ] نزلت في 
أبي لبابة  ، أشار إلى 
بني قريظة  حين قالوا : ننزل على حكم 
 nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  ، لا تفعلوا فإنه الذبح ، وأشار إلى حلقه . وقيل : نزلت الآية في أنهم يسمعون الشيء من النبي صلى الله عليه وسلم فيلقونه إلى المشركين ويفشونه . وقيل : المعنى بغلول الغنائم . ونسبتها إلى الله ; لأنه هو الذي أمر بقسمتها . وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه المؤدي عن الله عز وجل والقيم بها . والخيانة : الغدر وإخفاء الشيء ; ومنه : 
يعلم خائنة الأعين وكان عليه السلام يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=836207اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئس البطانة   . خرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ; فذكره . 
وتخونوا أماناتكم في موضع جزم ، نسقا على الأول . وقد يكون على الجواب ; كما يقال : لا تأكل السمك وتشرب اللبن . والأمانات : الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد . وسميت أمانة لأنها يؤمن معها من منع الحق ; مأخوذة من الأمن . وقد تقدم في " النساء " القول في أداء الأمانات والودائع وغير ذلك . 
وأنتم تعلمون أي ما في الخيانة من القبح والعار . وقيل : تعلمون أنها أمانة .