صفحة جزء
العاشرة : الصلاة أصلها في اللغة الدعاء ، مأخوذة من صلى يصلي إذا دعا ; ومنه قوله عليه السلام : إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل أي فليدع . وقال بعض العلماء : إن المراد الصلاة المعروفة ، فيصلي ركعتين وينصرف ، والأول أشهر وعليه من العلماء الأكثر . ولما ولدت أسماء عبد الله بن الزبير أرسلته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت أسماء : ثم مسحه وصلى عليه ، أي دعا له . وقال تعالى : وصل عليهم أي ادع لهم . وقال الأعشى :


تقول بنتي وقد قربت مرتحلا يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا     عليك مثل الذي صليت فاغتمضي
نوما فإن لجنب المرء مضطجعا



وقال الأعشى أيضا :


وقابلها الريح في دنها     وصلى على دنها وارتسم



ارتسم الرجل : كبر ودعا ، قاله في الصحاح ، وقال قوم : هي مأخوذة من الصلا وهو عرق في وسط الظهر ويفترق عند العجب فيكتنفه ، ومنه أخذ المصلي في سبق الخيل ; لأنه يأتي في الحلبة ورأسه عند صلوى السابق ، فاشتقت الصلاة منه ، إما لأنها جاءت ثانية للإيمان فشبهت [ ص: 165 ] بالمصلي من الخيل ، وإما لأن الراكع تثنى صلواه . والصلا : مغرز الذنب من الفرس ، والاثنان صلوان . والمصلي : تالي السابق ; لأن رأسه عند صلاه . وقال علي رضي الله عنه : سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر وثلث عمر . وقيل : هي مأخوذة من اللزوم ، ومنه صلي بالنار إذا لزمها ، ومنه تصلى نارا حامية . وقال الحارث بن عباد :


لم أكن من جناتها علم الله     وإني بحرها اليوم صال



أي ملازم لحرها ، وكأن المعنى على هذا ملازمة العبادة على الحد الذي أمر الله تعالى به . وقيل : هي مأخوذة من صليت العود بالنار إذا قومته ولينته بالصلاء . والصلاء : صلاء النار بكسر الصاد ممدود ، فإن فتحت الصاد قصرت ، فقلت صلا النار ، فكأن المصلي يقوم نفسه بالمعاناة فيها ويلين ويخشع ، قال الخارزنجي :


فلا تعجل بأمرك واستدمه     فما صلى عصاك كمستديم



والصلاة : الدعاء والصلاة : الرحمة ، ومنه : ( اللهم صل على محمد ) الحديث . والصلاة : العبادة ، ومنه قوله تعالى : وما كان صلاتهم عند البيت الآية ، أي عبادتهم . والصلاة : النافلة ، ومنه قوله تعالى : وأمر أهلك بالصلاة . والصلاة التسبيح ، ومنه قوله تعالى : فلولا أنه كان من المسبحين أي من المصلين . ومنه سبحة الضحى . وقد قيل في تأويل نسبح بحمدك نصلي . والصلاة : القراءة ، ومنه قوله تعالى : ولا تجهر بصلاتك فهي لفظ مشترك . والصلاة : بيت يصلى فيه ، قاله ابن فارس . وقد قيل : إن الصلاة اسم علم وضع لهذه العبادة ، فإن الله تعالى لم يخل زمانا من شرع ، ولم يخل شرع من صلاة ، حكاه أبو نصر القشيري .

قلت : فعلى هذا القول لا اشتقاق لها ، وعلى قول الجمهور وهي :

التالي السابق


الخدمات العلمية