صفحة جزء
قوله تعالى ( لا يؤمنون ) موضعه رفع خبر ( إن ) أي إن الذين كفروا لا يؤمنون . وقيل : [ ص: 180 ] خبر ( إن ) ( سواء ) وما بعده يقوم مقام الصلة ، قاله ابن كيسان . وقال محمد بن يزيد : ( سواء ) رفع بالابتداء ، أأنذرتهم أم لم تنذرهم الخبر ، والجملة خبر ( إن ) . قال النحاس : أي إنهم تبالهوا فلم تغن فيهم النذارة شيئا . واختلف القراء في قراءة أأنذرتهم فقرأ أهل المدينة وأبو عمرو والأعمش وعبد الله بن أبي إسحاق : " آنذرتهم " بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية ، واختارها الخليل وسيبويه ، وهي لغة قريش وسعد بن بكر ، وعليها قول الشاعر : [ ذو الرمة ] :


أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آنت أم أم سالم



هجاء " آنت " ألف واحدة . وقال آخر :


تطاللت فاستشرفته فعرفته     فقلت له آنت زيد الأرانب



وروي عن ابن محيصن أنه قرأ : أنذرتهم أم لم تنذرهم بهمزة لا ألف بعدها ، فحذف لالتقاء الهمزتين ، أو لأن أم تدل على الاستفهام ، كما قال الشاعر :


تروح من الحي أم تبتكر     وماذا يضيرك لو تنتظر



أراد : أتروح ، فاكتفى ب ( أم ) من الألف . وروي عن ابن أبي إسحاق أنه قرأ : " ( أاأنذرتهم ) فحقق الهمزتين وأدخل بينهما ألفا لئلا يجمع بينهما . قال أبو حاتم : ويجوز أن تدخل بينهما ألفا وتخفف الثانية ، وأبو عمرو ونافع يفعلان ذلك كثيرا . وقرأ حمزة وعاصم والكسائي بتحقيق الهمزتين : أأنذرتهم وهو اختيار أبي عبيد ، وذلك بعيد عند الخليل . وقال سيبويه : يشبه في الثقل ضننوا . قال الأخفش : ويجوز تخفيف الأولى من الهمزتين ، وذلك رديء ; لأنهم إنما يخففون بعد الاستثقال ، وبعد حصول الواحدة . قال أبو حاتم : ويجوز تخفيف الهمزتين جميعا . فهذه سبعة أوجه من القراءات ، ووجه ثامن يجوز في غير القرآن ; لأنه مخالف للسواد . قال الأخفش سعيد : تبدل من الهمزة هاء تقول : هأنذرتهم ، كما يقال هياك وإياك ، وقال الأخفش في قوله تعالى : ( ها أنتم ) إنما هو أأنتم .

التالي السابق


الخدمات العلمية