قوله تعالى : 
وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين في الكلام حذف ; أي إني أنا النذير المبين عذابا ، فحذف المفعول ، إذ كان الإنذار يدل عليه ، كما قال في موضع آخر : 
أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود   . 
وقيل : الكاف زائدة ، أي أنذرتكم ما أنزلنا على المقتسمين ; كقوله : 
ليس كمثله شيء وقيل : أنذرتكم مثل ما أنزلنا بالمقتسمين . وقيل : المعنى كما أنزلنا على المقتسمين ، أي من العذاب وكفيناك المستهزئين ، 
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين الذين بغوا ، فإنا كفيناك أولئك الرؤساء الذين كنت تلقى منهم ما تلقى . 
واختلف في المقتسمين على أقوال سبعة : 
الأول : قال 
مقاتل  والفراء    : هم ستة عشر رجلا بعثهم 
الوليد بن المغيرة  أيام الموسم فاقتسموا أعقاب 
مكة  وأنقابها وفجاجها يقولون لمن سلكها : لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة ; فإنه مجنون ، وربما قالوا ساحر ، وربما قالوا شاعر ، وربما قالوا كاهن . وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق ، فأماتهم الله شر ميتة ، وكانوا نصبوا 
الوليد بن المغيرة  حكما على باب المسجد ، فإذا سألوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : صدق أولئك . 
الثاني : قال 
قتادة    : هم قوم من كفار 
قريش  اقتسموا كتاب الله فجعلوا بعضه شعرا ، وبعضه سحرا ، وبعضه كهانة ، وبعضه أساطير الأولين . 
الثالث : قال 
ابن عباس    : ( هم 
أهل الكتاب  آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ) . وكذلك قال 
عكرمة    : هم 
أهل الكتاب  ، 
وسموا مقتسمين لأنهم كانوا مستهزئين ، فيقول بعضهم : هذه السورة لي وهذه السورة لك . وهو القول الرابع . 
الخامس : قال 
قتادة    : قسموا كتابهم ففرقوه وبددوه وحرفوه . 
السادس : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم    : المراد 
قوم صالح   ، تقاسموا على قتله فسموا مقتسمين ; كما قال - تعالى - : 
تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله   .  
[ ص: 54 ] السابع : قال 
الأخفش    : هم قوم اقتسموا أيمانا تحالفوا عليها . وقيل : إنهم 
العاص بن وائل  وعتبة  وشيبة  ابنا 
ربيعة  وأبو جهل بن هشام  وأبو البختري بن هشام  والنضر بن الحارث  وأمية بن خلف  ومنبه بن الحجاج    ; ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي    .