1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة النحل
  4. قوله تعالى إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون
صفحة جزء
قوله تعالى : إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين

قوله تعالى : إلهكم إله واحد لما بين استحالة الإشراك بالله - تعالى - بين أن المعبود واحد لا رب غيره ولا معبود سواه .

فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة أي لا تقبل الوعظ ولا ينفع فيها الذكر ، وهذا رد على القدرية .

وهم مستكبرون متكبرون متعظمون عن قبول الحق . وقد تقدم في ( البقرة ) معنى الاستكبار

لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون أي من القول والعمل فيجازيهم . قال الخليل : لا جرم كلمة تحقيق ولا تكون إلا جوابا ; يقال : فعلوا ذلك ; فيقال : لا جرم سيندمون . أي حقا أن لهم النار . وقد مضى القول في هذا في " هود " مستوفى

إنه لا يحب المستكبرين أي لا يثيبهم ولا يثني عليهم . وعن الحسين بن علي أنه مر بمساكين قد قدموا كسرا بينهم وهم يأكلون فقالوا : الغذاء يا أبا عبد الله ، فنزل وجلس معهم وقال : إنه لا يحب المستكبرين فلما فرغ قال : قد أجبتكم فأجيبوني ; فقاموا معه إلى منزله فأطعمهم وسقاهم وأعطاهم وانصرفوا . قال العلماء . وكل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر ; فإنه فسق يلزمه الإعلان ، وهو أصل العصيان كله . وفي [ ص: 87 ] الحديث الصحيح إن المستكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبرهم . أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - : تصغر لهم أجسامهم في المحشر حتى يضرهم صغرها وتعظم لهم في النار حتى يضرهم عظمها .

التالي السابق


الخدمات العلمية