قوله تعالى :
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون قوله تعالى : والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا قد تقدم في " النساء "
معنى الهجرة ، وهي ترك الأوطان والأهل والقرابة في الله أو في دين الله ، وترك السيئات . وقيل : في بمعنى اللام ، أي لله .
من بعد ما ظلموا أي عذبوا في الله . نزلت في
صهيب وبلال وخباب وعمار ، عذبهم أهل
مكة حتى قالوا لهم ما أرادوا ، فلما خلوهم هاجروا إلى
المدينة ; قاله
الكلبي . وقيل : نزلت في
أبي جندل بن سهيل . وقال
قتادة : المراد أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ظلمهم المشركون
بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم
بالحبشة ; ثم بوأهم الله - تعالى - دار الهجرة وجعل لهم أنصارا من المؤمنين . والآية تعم الجميع .
لنبوئنهم في الدنيا حسنة في الحسنة ستة أقوال :
الأول : نزول
المدينة ; قاله
ابن عباس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وقتادة .
الثاني : الرزق الحسن ; قاله
مجاهد .
الثالث : النصر على عدوهم ; قاله
الضحاك .
الرابع : إنه لسان صدق ; حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج .
الخامس : ما استولوا عليه من فتوح البلاد وصار لهم فيها من
[ ص: 97 ] الولايات .
السادس : ما بقي لهم في الدنيا من الثناء ، وما صار فيها لأولادهم من الشرف . وكل ذلك اجتمع لهم بفضل الله ، والحمد لله .
ولأجر الآخرة أكبر أي ولأجر دار الآخرة أكبر ، أي أكبر من أن يعلمه أحد قبل أن يشاهده ;
وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا لو كانوا يعلمون أي لو كان هؤلاء الظالمون يعلمون ذلك . وقيل : هو راجع إلى المؤمنين . أي لو رأوا ثواب الآخرة وعاينوه لعلموا أنه أكبر من حسنة الدنيا . وروي أن
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا دفع إلى
المهاجرين العطاء قال : هذا ما وعدكم الله في الدنيا وما ادخر لكم في الآخرة أكثر ; ثم تلا عليهم هذه الآية .