قوله : 
وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون قوله تعالى : وما بكم من نعمة فمن الله قال 
الفراء    . ما بمعنى الجزاء . والباء في   
[ ص: 103 ] بكم متعلقة بفعل مضمر ، تقديره : وما يكن بكم . من نعمة أي صحة جسم وسعة رزق وولد فمن الله . وقيل : المعنى وما بكم من نعمة فمن الله هي . 
ثم إذا مسكم الضر أي السقم والبلاء والقحط . 
فإليه تجأرون أي تضجون بالدعاء . يقال : جأر يجأر جؤارا . والجؤار مثل الخوار ; يقال : جأر الثور يجأر ، أي صاح . وقرأ بعضهم " عجلا جسدا له جؤار " ; حكاه 
الأخفش    . وجأر الرجل إلى الله ، أي تضرع بالدعاء . وقال 
الأعشى  يصف بقرة : 
فطافت ثلاثا بين يوم وليلة وكان النكير أن تضيف وتجأرا 
ثم إذا كشف الضر عنكم أي البلاء والسقم . 
إذا فريق منكم بربهم يشركون بعد إزالة البلاء وبعد الجؤار . فمعنى الكلام التعجيب من الإشراك بعد النجاة من الهلاك ، وهذا المعنى مكرر في القرآن ، وقد تقدم في " الأنعام ويونس " ويأتي في " سبحان " وغيرهما وقال 
الزجاج    : هذا خاص بمن كفر . 
ليكفروا بما آتيناهم أي ليجحدوا نعمة الله التي أنعم بها عليهم من كشف الضر والبلاء . أي أشركوا ليجحدوا ، فاللام لام كي . وقيل لام العاقبة . وقيل : " 
ليكفروا بما آتيناهم   " أي ليجعلوا النعمة سببا للكفر ، وكل هذا فعل خبيث ; كما قال : 
والكفر مخبثة لنفس المنعم 
فتمتعوا أمر تهديد . وقرأ 
عبد الله    " قل تمتعوا " . 
فسوف تعلمون أي عاقبة أمركم .