صفحة جزء
قوله تعالى : ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم

قوله تعالى : ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم كرر ذلك تأكيدا .

فتزل قدم بعد ثبوتها مبالغة في النهي عنه لعظم موقعه في الدين وتردده في معاشرات الناس ; أي لا تعقدوا الأيمان بالانطواء على الخديعة والفساد فتزل قدم بعد ثبوتها ، أي عن الأيمان بعد المعرفة [ ص: 157 ] بالله . وهذه استعارة للمستقيم الحال يقع في شر عظيم ويسقط فيه ; لأن القدم إذا زلت نقلت الإنسان من حال خير إلى حال شر ; ومن هذا المعنى قول كثير :

فلما توافينا ثبت وزلت



والعرب تقول لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط في ورطة : زلت قدمه ; كقول الشاعر :


سيمنع منك السبق إن كنت سابقا     وتقتل إن زلت بك القدمان



ويقال لمن أخطأ في شيء : زل فيه .

ثم توعد - تعالى - بعد بعذاب في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة . وهذا الوعيد إنما هو فيمن نقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فإن من عاهده ثم نقض عهده خرج من الإيمان ، ولهذا قال : وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله أي بصدكم . وذوق السوء في الدنيا هو ما يحل بهم من المكروه .

التالي السابق


الخدمات العلمية