قوله تعالى : قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا قوله تعالى : 
قل الله أعلم بما لبثوا قيل بعد موتهم إلى نزول القرآن فيهم ، على قول 
مجاهد    . أو إلى أن ماتوا ; على قول 
الضحاك    . أو إلى وقت تغيرهم بالبلى ; على ما تقدم . وقيل : بما لبثوا في الكهف ، وهي المدة التي ذكرها الله - تعالى - عن 
اليهود  وإن ذكروا زيادة ونقصانا . أي لا يعلم علم ذلك إلا الله أو من علمه ذلك 
له غيب السماوات والأرض   . 
قوله تعالى : 
أبصر به وأسمع أي ما أبصره وأسمعه . قال 
قتادة    : لا أحد أبصر من الله ولا أسمع   . وهذه عبارات عن الإدراك . ويحتمل أن يكون المعنى أبصر به أي بوحيه وإرشاده هداك وحججك والحق من الأمور ، وأسمع به العالم ; فيكونان أمرين لا على وجه التعجب . وقيل . المعنى أبصرهم وأسمعهم ما قال الله فيهم . 
ما لهم من دونه من ولي أي لم يكن 
لأصحاب الكهف  ولي يتولى حفظهم دون الله . ويحتمل أن يعود الضمير في لهم على معاصري 
محمد    - صلى الله عليه وسلم - من الكفار . والمعنى : ما لهؤلاء المختلفين في مدة لبثهم ولي دون الله يتولى تدبير أمرهم ; فكيف يكونون أعلم منه ، أو كيف يتعلمون من غير إعلامه إياهم . 
قوله تعالى : 
ولا يشرك في حكمه أحدا قرئ بالياء ورفع الكاف ، على معنى الخبر   
[ ص: 348 ] عن الله - تعالى - . وقرأ 
ابن عامر  والحسن  وأبو رجاء  وقتادة  والجحدري    " ولا تشرك " بالتاء من فوق وإسكان الكاف على جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويكون قوله " ولا يشرك " عطفا على قوله : أبصر به وأسمع . وقرأ 
مجاهد    " يشرك " بالياء من تحت والجزم . قال 
يعقوب    : لا أعرف وجهه . 
مسألة : اختلف في 
أصحاب الكهف  هل ماتوا وفنوا ، أو هم نيام وأجسادهم محفوظة   ; فروي عن 
ابن عباس  أنه مر 
بالشام  في بعض غزواته مع ناس على موضع الكهف وجبله ، فمشى الناس معه إليه فوجدوا عظاما فقالوا : هذه عظام 
أهل الكهف    . فقال لهم 
ابن عباس    : أولئك قوم فنوا وعدموا منذ مدة طويلة ; فسمعه راهب فقال : ما كنت أحسب أن أحدا من العرب يعرف هذا ; فقيل له : هذا ابن عم نبينا - صلى الله عليه وسلم   - . وروت فرقة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : 
ليحجن عيسى ابن مريم  ومعه أصحاب الكهف  فإنهم لم يحجوا بعد   . ذكره 
ابن عطية    . 
قلت : ومكتوب في التوراة والإنجيل أن 
عيسى ابن مريم  عبد الله ورسوله ، وأنه يمر 
بالروحاء  حاجا أو معتمرا أو يجمع الله له ذلك فيجعل الله حواريه 
أصحاب الكهف  والرقيم ، فيمرون حجاجا فإنهم لم يحجوا ولم يموتوا . وقد ذكرنا هذا الخبر بكماله في كتاب " التذكرة " . فعلى هذا هم نيام ولم يموتوا إلى يوم القيامة ، بل يموتون قبيل الساعة .