قوله : 
وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قوله تعالى : وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر الحق رفع على خبر الابتداء المضمر ; أي قل هو الحق . وقيل : هو رفع على الابتداء ، وخبره في قوله من ربكم . ومعنى الآية : قل يا 
محمد  لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان ، وبيده الهدى والضلال ، يهدي من يشاء فيؤمن ، ويضل من يشاء فيكفر ; ليس إلي من ذلك شيء ، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا ، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا ، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ; فإن شئتم فآمنوا ، وإن شئتم   
[ ص: 352 ] فاكفروا . وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر ، وإنما هو وعيد وتهديد . أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار ، وإن آمنتم فلكم الجنة . 
إنا أعتدنا أي أعددنا . 
للظالمين أي للكافرين الجاحدين . 
نارا أحاط بهم سرادقها قال 
الجوهري    : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار . وكل بيت من كرسف فهو سرادق . قال 
رؤبة    : 
يا حكم بن المنذر بن الجارود  سرادق المجد عليك ممدود 
يقال : بيت مسردق . وقال 
سلامة بن جندل  يذكر 
أبرويز  وقتله 
النعمان بن المنذر  تحت أرجل الفيلة : 
هو المدخل النعمان  بيتا سماؤه     صدور الفيول بعد بيت مسردق 
وقال 
ابن الأعرابي    : سرادقها سورها . وعن 
ابن عباس    : حائط من نار . 
الكلبي    : وقال 
ابن الأعرابي    : سرادقها سورها . وعن 
ابن عباس    : حائط من نار . 
الكلبي    : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة . 
القتبي    : السرادق الحجزة التي تكون حول 
الفسطاط    . وقاله 
ابن عزيز    . وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة ، وهو الذي ذكره الله - تعالى - في سورة ( والمرسلات ) . حيث يقول : 
انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب وقوله : 
وظل من يحموم قاله 
قتادة    . وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=839830البحر هو جهنم - ثم تلا - نارا أحاط بهم سرادقها - ثم قال - والله لا أدخلها أبدا ما دمت حيا ولا يصيبني منها قطرة ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي    . وخرج 
ابن المبارك  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=835600لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مسيرة أربعين سنة   . وخرجه 
أبو عيسى الترمذي  ، وقال فيه : حديث حسن صحيح غريب . 
قلت : وهذا يدل على أن السرادق ما يعلو الكفار من دخان أو نار ، وجدره ما وصف . 
قوله تعالى : 
وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه قال 
ابن عباس    : المهل ماء   
[ ص: 353 ] غليظ مثل دردي الزيت . 
مجاهد    : القيح والدم . 
الضحاك    : ماء أسود ، وإن جهنم لسوداء ، وماؤها أسود وشجرها أسود وأهلها سود . وقال 
أبو عبيدة    : هو كل ما أذيب من جواهر الأرض من حديد ورصاص ونحاس وقزدير ، فتموج بالغليان ، فذلك المهل . ونحوه عن 
ابن مسعود  قال 
سعيد بن جبير    : هو الذي قد انتهى حره . وقال : المهل ضرب من القطران ; يقال : مهلت البعير فهو ممهول . وقيل : هو السم . والمعنى في هذه الأقوال متقارب . وفي 
الترمذي  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 
nindex.php?page=hadith&LINKID=835601في قوله كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا قربه إلى وجهه سقطت فروة وجهه قال 
أبو عيسى    : هذا حديث إنما نعرفه من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=13172رشدين بن سعد  ورشدين  قد تكلم فيه من قبل حفظه . وخرج عن 
أبي أمامة  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - 
nindex.php?page=hadith&LINKID=835602في قوله : ويسقى من ماء صديد يتجرعه قال : يقرب إلى فيه فكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه وإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره . يقول الله - تعالى - وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم يقول وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا قال : حديث غريب . 
قلت : وهذا يدل على صحة تلك الأقوال ، وأنها مرادة ، والله أعلم . وكذلك نص عليها أهل اللغة . في الصحاح " المهل " 
النحاس  المذاب . 
ابن الأعرابي    : المهل المذاب من الرصاص   . وقال 
أبو عمرو    . المهل دردي الزيت   . والمهل أيضا القيح والصديد . وفي حديث 
أبي بكر    : ادفنوني في ثوبي هذين فإنهما للمهل والتراب   . 
بئس الشراب وساءت مرتفقا قال 
مجاهد    : معناه مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى المرافقة . 
ابن عباس    : منزلا . 
عطاء    : مقرا . وقيل مهادا . وقال 
القتبي    : مجلسا ، والمعنى متقارب ; وأصله من المتكأ ، يقال منه : ارتفقت أي اتكأت على المرفق . قال الشاعر : 
قالت له وارتفقت ألا فتى     يسوق بالقوم غزالات الضحى 
ويقال : ارتفق الرجل إذا نام على مرفقه لا يأتيه نوم . قال 
أبو ذؤيب الهذلي    : 
نام الخلي وبت الليل مرتفقا     كأن عيني فيها الصاب مدبوح 
الصاب : عصارة شجر مر .