قوله تعالى : 
ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون فيه مسألتان : 
الأولى : روي أن بعض الناس لما نزلت آية الاستئذان تعمق في الأمر ، فكان لا يأتي موضعا خربا ولا مسكونا إلا سلم واستأذن ؛ فنزلت هذه الآية ، أباح الله تعالى فيها 
رفع الاستئذان في كل بيت لا يسكنه أحد لأن العلة في الاستئذان إنما هي لأجل خوف الكشفة على الحرمات ، فإذا زالت العلة زال الحكم . 
الثانية : اختلف العلماء في المراد بهذه البيوت ؛ فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية ،  وقتادة ،  ومجاهد    : هي الفنادق التي في طرق السابلة . قال 
مجاهد    : لا يسكنها أحد بل هي موقوفة ليأوي إليها كل ابن سبيل ، وفيها متاع لهم ؛ أي استمتاع بمنفعتها . وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية  أيضا أن المراد بها دور 
مكة ،  ويبينه قول 
مالك    . وهذا على القول بأنها غير متملكة ، وأن الناس شركاء فيها ، وأن 
مكة  أخذت عنوة . وقال 
ابن زيد ،   nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي :  هي حوانيت القيساريات . قال 
الشعبي    : لأنهم جاءوا بيوعهم فجعلوها فيها ، وقالوا للناس هلم . وقال 
عطاء    : المراد بها الخرب التي يدخلها الناس للبول والغائط ؛ ففي هذا أيضا متاع . وقال 
جابر بن زيد    : ليس يعني بالمتاع الجهاز ، ولكن ما سواه من الحاجة ؛ إما منزل ينزله قوم من ليل أو نهار ، أو خربة يدخلها لقضاء حاجة ، أو دار ينظر إليها ، فهذا متاع ، وكل منافع الدنيا متاع . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس    : وهذا شرح حسن من قول إمام من أئمة المسلمين ، وهو موافق للغة . والمتاع في كلام العرب : المنفعة ؛ ومنه أمتع الله بك . ومنه فمتعوهن .  
[ ص: 205 ] قلت : واختاره أيضا القاضي 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي  وقال : أما من فسر المتاع بأنه جميع الانتفاع فقد طبق المفصل وجاء بالفيصل ، وبين أن الداخل فيها إنما هو لما له من الانتفاع فالطالب يدخل في الخانكات وهي المدارس لطلب العلم ، والساكن يدخل الخانات وهي الفناتق ، أي الفنادق ، والزبون يدخل الدكان للابتياع ، والحاقن يدخل الخلاء للحاجة ؛ وكل يؤتى على وجهه من بابه . وأما قول 
ابن زيد ،   nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي  فقول ! وذلك أن بيوت القيساريات محظورة بأموال الناس ، غير مباحة لكل من أراد دخولها بإجماع ، ولا يدخلها إلا من أذن له ربها ، بل أربابها موكلون بدفع الناس .