1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة الفرقان
  4. قوله تعالى الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش
صفحة جزء
قوله تعالى : الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا .

قوله تعالى : الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام تقدم في الأعراف . و ( الذي ) في موضع خفض نعتا للحي . وقال : بينهما ولم يقل بينهن ; لأنه أراد الصنفين والنوعين والشيئين ; كقول القطامي :


ألم يحزنك أن حبال قيس وتغلب قد تباينتا انقطاعا



أراد وحبال تغلب ، فثنى والحبال جمع ; لأنه أراد الشيئين والنوعين . الرحمن فاسأل به خبيرا قال الزجاج : المعنى فاسأل عنه . وقد حكى هذا جماعة من أهل اللغة أن الباء تكون بمعنى ( عن ) كما قال تعالى : سأل سائل بعذاب واقع وقال الشاعر :


هلا سألت الخيل يا ابنة مالك     إن كنت جاهلة بما لم تعلمي



وقال علقمة بن عبدة :


فإن تسألوني بالنساء فإنني     خبير بأدواء النساء طبيب



أي عن النساء ، وعما لم تعلمي . وأنكره علي بن سليمان وقال : أهل النظر ينكرون أن تكون الباء بمعنى عن ; لأن في هذا إفسادا لمعاني قول العرب : لو لقيت فلانا للقيك به [ ص: 62 ] الأسد ; أي للقيك بلقائك إياه الأسد . المعنى فاسأل بسؤالك إياه خبيرا . وكذلك قال ابن جبير : الخبير هو الله تعالى . ف خبيرا نصب على المفعول به بالسؤال .

قلت : قول الزجاج يخرج على وجه حسن ، وهو أن يكون الخبير غير الله ، أي فاسأل عنه خبيرا ، أي عالما به ، أي بصفاته وأسمائه . وقيل : المعنى فاسأل له خبيرا ، فهو نصب على الحال من الهاء المضمرة . قال المهدوي : ولا يحسن حالا إذ لا يخلو أن تكون الحال من السائل أو المسئول ، ولا يصح كونها حالا من الفاعل ; لأن الخبير لا يحتاج أن يسأل غيره . ولا يكون من المفعول لأن المسئول عنه وهو الرحمن خبير أبدا ، والحال في أغلب الأمر يتغير وينتقل ; إلا أن يحمل على أنها حال مؤكدة ; مثل : وهو الحق مصدقا فيجوز . وأما " الرحمن " ففي رفعه ثلاثة أوجه : يكون بدلا من المضمر الذي في " استوى " . ويجوز أن يكون مرفوعا بمعنى : هو الرحمن . ويجوز أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وخبره : فاسأل به خبيرا . ويجوز الخفض بمعنى وتوكل على الحي الذي لا يموت الرحمن ; يكون نعتا . ويجوز النصب على المدح .

التالي السابق


الخدمات العلمية