صفحة جزء
قوله تعالى : فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين .

قوله تعالى : فآمن له لوط لوط أول من صدق إبراهيم حين رأى النار عليه بردا وسلاما قال ابن إسحاق آمن لوط بإبراهيم وكان ابن أخته وآمنت به سارة وكانت بنت عمه وقال إني مهاجر إلى ربي قال النخعي وقتادة : الذي قال : إني مهاجر إلى ربي هو إبراهيم عليه السلام . قال قتادة هاجر من كوثا ، وهي قرية من سواد الكوفة ، إلى حران ، ثم إلى الشام ومعه ابن أخيه لوط بن هاران بن تارخ ، وامرأته سارة . قال الكلبي : هاجر من أرض حران إلى فلسطين ، وهو أول من هاجر من أرض الكفر . قال مقاتل : هاجر إبراهيم وهو ابن خمس وسبعين سنة . وقيل : الذي قال : إني مهاجر إلى ربي لوط عليه السلام ذكر البيهقي عن قتادة قال : أول من هاجر إلى الله عز وجل بأهله عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قتادة : سمعت النضر بن أنس يقول : سمعت أبا حمزة ; يعني أنس بن مالك يقول : خرج عثمان بن عفان ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم ، فقدمت امرأة من قريش فقالت : يا محمد ; رأيت ختنك ومعه امرأته ، قال : على أي حال رأيتهما ؟ قالت : رأيته وقد حمل امرأته على حمار من هذه الدبابة وهو يسوقها ، فقال [ ص: 313 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : صحبهما الله إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط قال البيهقي : هذا في الهجرة الأولى وأما الهجرة الثانية إلى الحبشة فهي فيما زعم الواقدي سنة خمس من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( إلى ربي ) أي إلى رضا ربي وإلى حيث أمرني إنه هو العزيز الحكيم تقدم . وتقدم الكلام في الهجرة في ( النساء ) وغيرها .

قوله تعالى : ووهبنا له إسحاق ويعقوب أي من الله عليه بالأولاد ، فوهب له إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولد ، وإنما وهب له إسحاق من بعد إسماعيل ويعقوب من إسحاق . وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب فلم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا من صلبه ، ووحد الكتاب ; لأنه أراد المصدر كالنبوة . والمراد التوراة والإنجيل والفرقان ، فهو عبارة عن الجمع . فالتوراة أنزلت على موسى من ولد إبراهيم ، والإنجيل على عيسى من ولده ; والفرقان على محمد من ولده صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وآتيناه أجره في الدنيا يعني اجتماع أهل الملل عليه ; قاله عكرمة . وروى سفيان عن حميد بن قيس قال : أمر سعيد بن جبير إنسانا أن يسأل عكرمة عن قوله جل ثناؤه : وآتيناه أجره في الدنيا فقال عكرمة : أهل الملل كلها تدعيه وتقول هو منا ; فقال سعيد بن جبير : صدق . وقال قتادة : هو مثل قوله : وآتيناه في الدنيا حسنة أي عاقبة وعملا صالحا وثناء حسنا وذلك أن أهل كل دين يتولونه وقيل : آتيناه أجره في الدنيا أن أكثر الأنبياء من ولده . وإنه في الآخرة لمن الصالحين ليس ( في الآخرة ) داخلا في الصلة وإنما هو تبيين وقد مضى في ( البقرة ) بيانه . وكل هذا حث على الاقتداء بإبراهيم في الصبر على الدين الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية