قوله تعالى : 
منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون   . 
قوله تعالى : 
منيبين إليه اختلف في معناه ، فقيل : راجعين إليه بالتوبة والإخلاص . وقال 
يحيى بن سلام  والفراء    : مقبلين إليه . وقال 
عبد الرحمن بن زيد    : مطيعين له . وقيل تائبين إليه من الذنوب ; ومنه قول 
أبي قيس بن الأسلت    : 
فإن تابوا فإن بني سليم  وقومهم هوازن  قد أنابوا 
والمعنى واحد ; فإن ناب وتاب وثاب وآب معناه الرجوع . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي    : وفي أصل الإنابة قولان : أحدهما : أن أصله القطع ; ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع ; فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عز وجل بالطاعة . الثاني : أصله الرجوع ; مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد أخرى ; ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة . 
الجوهري    : وأناب إلى الله أقبل وتاب . والنوبة واحدة النوب ، تقول : جاءت نوبتك ونيابتك ، وهم يتناوبون النوبة فيما بينهم في الماء وغيره . وانتصب على الحال . قال 
محمد بن يزيد    : لأن معنى : أقم وجهك فأقيموا وجوهكم منيبين . وقال 
الفراء    : المعنى فأقم وجهك ومن معك منيبين . وقيل : انتصب على القطع ; أي فأقم وجهك أنت وأمتك المنيبين إليه ; لأن الأمر له ، أمر لأمته ; فحسن أن يقول منيبين إليه ، وقد قال الله تعالى : 
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء   . واتقوه أي خافوه وامتثلوا ما أمركم به . 
وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين بين أن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص ; فلذلك قال : 
ولا تكونوا من المشركين وقد مضى هذا مبينا في النساء والكهف وغيرهما . 
من الذين فرقوا دينهم تأوله 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة   nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة  وأبو أمامة    : أنه لأهل القبلة من أهل   
[ ص: 31 ] الأهواء والبدع . وقد مضى ( في الأنعام ) بيانه . وقال 
الربيع بن أنس    : الذين فرقوا دينهم 
أهل الكتاب  من 
اليهود  والنصارى    ; وقاله 
قتادة  ومعمر . وقرأ 
حمزة   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي    : ( فارقوا دينهم ) ، وقد قرأ ذلك 
علي بن أبي طالب    ; أي فارقوا دينهم الذي يجب اتباعه ، وهو التوحيد . 
وكانوا شيعا أي فرقا ; قاله 
الكلبي    . وقيل أديانا ; قاله 
مقاتل .  كل حزب بما لديهم فرحون أي مسرورون معجبون ، لأنهم لم يتبينوا الحق ، وعليهم أن يتبينوه . وقيل : كان هذا قبل أن تنزل الفرائض . وقول ثالث : أن العاصي لله عز وجل قد يكون فرحا بمعصيته ، فكذلك الشيطان وقطاع الطريق وغيرهم ، والله أعلم . 
وزعم 
الفراء  أنه يجوز أن يكون التمام 
ولا تكونوا من المشركين ويكون المعنى : من الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا على الاستئناف ، وأنه يجوز أن يكون متصلا بما قبله . 
النحاس    : وإذا كان متصلا بما قبله فهو عند 
البصريين  على البدل بإعادة الحرف ; كما قال جل وعز : 
قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ولو كان بلا حرف لجاز .