ولا خلاف أن 
قوله : وما يضل به إلا الفاسقين أنه من قول الله تعالى . والفاسقين نصب بوقوع الفعل عليهم ، والتقدير : وما يضل به أحدا إلا الفاسقين الذين سبق في علمه أنه لا يهديهم . ولا يجوز أن تنصبهم على الاستثناء ; لأن الاستثناء لا يكون إلا بعد تمام الكلام . وقال 
نوف البكالي    : قال 
عزير  فيما يناجي ربه عز وجل : إلهي تخلق خلقا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء . قال فقيل : يا 
عزير  أعرض عن هذا لتعرضن عن هذا أو لأمحونك من النبوة ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون . والضلال أصله الهلاك ، يقال منه : ضل الماء في اللبن إذا استهلك ، ومنه قوله تعالى : 
أئذا ضللنا في الأرض وقد تقدم في الفاتحة . والفسق أصله في كلام العرب الخروج عن الشيء ، يقال : فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها ، والفأرة من جحرها . والفويسقة : الفأرة ، وفي الحديث : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=830676خمس فواسق يقتلن في الحل   [ ص: 234 ] والحرم الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا   . روته 
عائشة  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه 
مسلم    . وفي رواية ( العقرب ) مكان ( الحية ) . فأطلق صلى الله عليه وسلم عليها اسم الفسق لأذيتها ، على ما يأتي بيانه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى . وفسق الرجل يفسق ويفسق أيضا - فسقا وفسوقا ، أي فجر . فأما قوله تعالى : 
ففسق عن أمر ربه فمعناه خرج . وزعم 
ابن الأعرابي  أنه لم يسمع قط في كلام الجاهلية ، ولا في شعرهم فاسق . قال : وهذا عجب ، وهو كلام عربي حكاه عنه 
 nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس  والجوهري    . 
قلت : قد ذكر 
أبو بكر الأنباري  في كتاب " الزاهر " له لما تكلم على معنى الفسق قول الشاعر : 
يذهبن في نجد  وغورا غائرا فواسقا عن قصدها جوائرا 
والفسيق : الدائم الفسق ويقال في النداء : يا فسق ويا خبث ، يريد : يا أيها الفاسق ، ويا أيها الخبيث . والفسق في عرف الاستعمال الشرعي : الخروج من طاعة الله عز وجل ، فقد يقع على من خرج بكفر وعلى من خرج بعصيان .