قوله تعالى : ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور   . 
قوله تعالى : 
ذلك جزيناهم بما كفروا أي هذا التبديل جزاء كفرهم . وموضع ذلك نصب ; أي جزيناهم ذلك بكفرهم . 
وهل نجازي إلا الكفور قراءة العامة ( يجازى ) بياء مضمومة وزاي مفتوحة ، ( الكفور ) رفعا على ما لم يسم فاعله . وقرأ 
يعقوب  وحفص  وحمزة   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي    : نجازي بالنون وكسر الزاي ، ( الكفور ) بالنصب ، واختاره 
أبو عبيد  وأبو حاتم  ، قالا : لأن قبله جزيناهم ولم يقل جوزوا . 
النحاس    : والأمر في هذا واسع ،   
[ ص: 260 ] والمعنى فيه بين ، ولو قال قائل : خلق الله تعالى 
آدم  صلى الله عليه وسلم من طين ، وقال آخر : خلق 
آدم  من طين ، لكان المعنى واحدا . 
مسألة : في هذه الآية سؤال ليس في هذه السورة أشد منه ، وهو أن يقال : لم خص الله تعالى المجازاة بالكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي ؟ فتكلم العلماء في هذا ; فقال قوم : ليس يجازى بهذا الجزاء الذي هو الاصطلام والإهلاك إلا من كفر . وقال 
مجاهد    : يجازى بمعنى يعاقب ; وذلك أن المؤمن يكفر الله تعالى عنه سيئاته ، والكافر يجازى بكل سوء عمله ; فالمؤمن يجزى ولا يجازى لأنه يثاب . وقال 
طاوس    : هو المناقشة في الحساب ، وأما المؤمن فلا يناقش الحساب . وقال 
قطرب  خلاف هذا ، فجعلها في أهل المعاصي غير الكفار ، وقال : المعنى على من كفر بالنعم وعمل بالكبائر . 
النحاس    : وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها : أن 
الحسن  قال مثلا بمثل . 
nindex.php?page=hadith&LINKID=864712وعن عائشة  رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حوسب هلك فقلت : يا نبي الله ، فأين قوله جل وعز : فسوف يحاسب حسابا يسيرا ؟ قال : إنما ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك   . وهذا إسناد صحيح ، وشرحه : أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير ; ويبين هذا قوله تعالى في الأول : 
ذلك جزيناهم بما كفروا وفي الثاني : ( وهل يجازى إلا الكفور ) ومعنى ( يجازى ) : يكافأ بكل عمل عمله ، ومعنى جزيناهم . وقيناهم ; فهذا حقيقة اللغة ، وإن كان ( جازى ) يقع بمعنى ( جزى ) . مجازا .