صفحة جزء
[ ص: 249 ] قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون

قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة

فيه سبع عشرة مسألة :

الأولى : قوله تعالى وإذ قال ربك للملائكة إذ وإذا حرفا توقيت ، فإذ للماضي ، وإذا للمستقبل ، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى . وقال المبرد : إذا جاء إذ مع مستقبل كان معناه ماضيا ، نحو قوله : وإذ يمكر بك وإذ تقول للذي أنعم الله عليه معناه مكروا ، وإذ قلت . وإذا جاء " إذا " مع الماضي كان معناه مستقبلا ، كقوله تعالى : فإذا جاءت الطامة فإذا جاءت الصاخة و إذا جاء نصر الله أي يجيء . وقال معمر بن المثنى أبو عبيدة : " إذ " زائدة ، والتقدير : وقال ربك ، واستشهد بقول الأسود بن يعفر :


فإذ وذلك لا مهاة لذكره والدهر يعقب صالحا بفساد

وأنكر هذا القول الزجاج والنحاس وجميع المفسرين . قال النحاس : وهذا خطأ ; لأن " إذ " اسم وهي ظرف زمان ليس مما تزاد . وقال الزجاج : هذا اجترام من أبي عبيدة ، ذكر الله عز وجل خلق الناس وغيرهم ، فالتقدير وابتدأ خلقكم إذ قال ، فكان هذا من المحذوف الذي دل عليه الكلام ، كما قال :


فإن المنية من يخشها     فسوف تصادفه أينما

يريد أينما ذهب . ويحتمل أن تكون متعلقة بفعل مقدر تقديره واذكر إذ قال . وقيل : هو مردود إلى قوله تعالى : اعبدوا ربكم الذي خلقكم فالمعنى الذي خلقكم إذ قال ربك للملائكة . وقول الله تعالى وخطابه للملائكة متقرر قديم في الأزل بشرط وجودهم وفهمهم .

[ ص: 250 ] وهكذا الباب كله في أوامر الله تعالى ونواهيه ومخاطباته . وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ، وهو الذي ارتضاه أبو المعالي . وقد أتينا عليه في كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفات الله العلا .

والرب : المالك والسيد والمصلح والجابر ، وقد تقدم بيانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية