صفحة جزء
قوله تعالى : اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب

.

قوله تعالى : اصبر على ما يقولون أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر لما استهزءوا به . وهذه منسوخة بآية السيف .

قوله تعالى : واذكر عبدنا داود ذا الأيد لما ذكر من أخبار الكفار وشقاقهم وتقريعهم بإهلاك القرون من قبلهم ، أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالصبر على أذاهم ، وسلاه بكل ما تقدم ذكره . ثم أخذ في ذكر داود وقصص الأنبياء ، ليتسلى بصبر من صبر منهم ، وليعلم أن له في الآخرة أضعاف ما أعطيه داود وغيره من الأنبياء . وقيل : المعنى اصبر على قولهم ، واذكر لهم أقاصيص الأنبياء ، لتكون برهانا على صحة نبوتك . ذا الأيد : ذا القوة في العبادة . وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وذلك أشد الصوم وأفضله ، وكان يصلي نصف الليل ، وكان لا يفر إذا لاقى العدو ، وكان قويا في الدعاء إلى الله تعالى . وقوله : " عبدنا " إظهارا لشرفه بهذه الإضافة

ويقال : الأيد والآد كما تقول : العيب والعاب . قال [ العجاج ] :

لم يك ينآد فأمسى انآدا



ومنه رجل أيد أي : قوي . وتأيد الشيء تقوى ، قال الشاعر :


إذا القوس وترها أيد     رمى فأصاب الكلى والذوا



يقول : إذا الله وتر القوس التي في السحاب رمى كلى الإبل وأسمنها بالشحم . يعني من النبات الذي يكون من المطر .

" إنه أواب " قال الضحاك : أي : تواب . وعن غيره : أنه كلما [ ص: 143 ] ذكر ذنبه أو خطر على باله استغفر منه ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة . ويقال آب يئوب إذا رجع ، كما قال :


وكل ذي غيبة يئوب     وغائب الموت لا يئوب



فكان داود رجاعا إلى طاعة الله ورضاه في كل أمر ، فهو أهل لأن يقتدى به .

التالي السابق


الخدمات العلمية