1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة ص
  4. قوله تعالى وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم
صفحة جزء
[ ص: 161 ] الثالثة عشرة : قوله تعالى : وإن كثيرا من الخلطاء يقال : خليط وخلطاء ، ولا يقال : طويل وطولاء ، لثقل الحركة في الواو . وفيه وجهان : أحدهما أنهما الأصحاب . الثاني أنهما الشركاء .

قلت : إطلاق الخلطاء على الشركاء فيه بعد ، وقد اختلف العلماء في صفة الخلطاء ، فقال أكثر العلماء : هو أن يأتي كل واحد بغنمه فيجمعهما راع واحد والدلو والمراح . وقال طاوس وعطاء : لا يكون الخلطاء إلا الشركاء . وهذا خلاف الخبر ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وروي فإنهما يترادان الفضل . ولا موضع لتراد الفضل بين الشركاء ، فاعلمه . وأحكام الخلطة مذكورة في كتب الفقه . ومالك وأصحابه وجمع من العلماء لا يرون الصدقة على من ليس في حصته ما تجب فيه الزكاة . وقال الربيع والليث وجمع من العلماء منهم الشافعي : إذا كان في جميعها ما تجب فيه الزكاة أخذت منهم الزكاة . قال مالك : وإن أخذ المصدق بهذا ترادوا بينهم للاختلاف في ذلك ، وتكون كحكم حاكم اختلف فيه .

الرابعة عشرة : قوله تعالى : ليبغي بعضهم على بعض أي يتعدى ويظلم . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يظلمون أحدا . وقليل ما هم يعني الصالحين ، أي : وقليل هم ف " ما " زائدة . وقيل : بمعنى الذين ، وتقديره : وقليل الذين هم . وسمع عمر - رضي الله عنه - رجلا يقول في دعائه : اللهم اجعلني من عبادك القليل . فقال له عمر : ما هذا الدعاء . فقال : أردت قول الله - عز وجل - : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم فقال عمر : كل الناس أفقه منك يا عمر !

الخامسة عشرة : قوله تعالى : وظن داود أنما فتناه أي ابتليناه . وظن معناه أيقن . قال أبو عمرو والفراء : ظن بمعنى أيقن ، إلا أن الفراء شرحه بأنه لا يجوز في المعاين أن يكون الظن إلا بمعنى اليقين . والقراءة " فتناه " بتشديد النون دون التاء . وقرأ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " فتناه " بتشديد التاء والنون على المبالغة . وقرأ قتادة وعبيد بن عمير وابن السميقع " فتناه " بتخفيفهما . ورواه علي بن نصر عن أبي عمرو ، والمراد به الملكان اللذان دخلا على داود عليه السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية