صفحة جزء
قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد .

قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب يعني التوراة فاختلف فيه أي آمن به قوم وكذب به قوم . والكناية ترجع إلى الكتاب ، وهو تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي : لا يحزنك اختلاف قومك في كتابك ، فقد اختلف من قبلهم في كتابهم . وقيل : الكناية ترجع إلى موسى .

ولولا كلمة سبقت من ربك أي في إمهالهم . لقضي بينهم أي بتعجيل العذاب . وإنهم لفي شك منه من القرآن مريب أي شديد الريبة . وقد تقدم . وقال الكلبي في هذه الآية : لولا أن الله أخر عذاب هذه الأمة إلى يوم القيامة لأتاهم العذاب كما فعل بغيرهم من الأمم . وقيل : تأخير العذاب لما يخرج من أصلابهم من المؤمنين .

من عمل صالحا فلنفسه شرط وجوابه ومن أساء فعليها والله [ ص: 331 ] - جل وعز - مستغن عن طاعة العباد ، فمن أطاع فالثواب له ، ومن أساء فالعقاب عليه . وما ربك بظلام للعبيد نفى الظلم عن نفسه - جل وعز - قليله وكثيره ، وإذا انتفت المبالغة انتفى غيرها ، دليله قوله الحق : إن الله لا يظلم الناس شيئا وروى العدول الثقات ، والأئمة الأثبات ، عن الزاهد العدل ، عن أمين الأرض ، عن أمين السماء ، عن الرب جل جلاله : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا . . . الحديث . وأيضا فهو الحكيم المالك ، وما يفعله المالك في ملكه لا اعتراض عليه ، إذ له التصرف في ملكه بما يريد .

التالي السابق


الخدمات العلمية