صفحة جزء
قوله تعالى : ونحن نسبح بحمدك أي ننزهك عما لا يليق بصفاتك . والتسبيح في كلامهم التنزيه من السوء على وجه التعظيم ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة :


أقول لما جاءني فخره سبحان من علقمة الفاخر

أي براءة من علقمة . وروى طلحة بن عبيد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله فقال : ( هو تنزيه الله عز وجل عن كل سوء ) . وهو مشتق من السبح وهو الجري والذهاب ، قال الله تعالى : إن لك في النهار سبحا طويلا فالمسبح جار في تنزيه الله تعالى وتبرئته من السوء . وقد تقدم الكلام في " نحن " ، ولا يجوز إدغام النون في النون لئلا يلتقي ساكنان .

مسألة : واختلف أهل التأويل في تسبيح الملائكة ، فقال ابن مسعود وابن عباس : تسبيحهم صلاتهم ، ومنه قول الله تعالى : فلولا أنه كان من المسبحين أي المصلين . وقيل : تسبيحهم رفع الصوت بالذكر ، قاله المفضل ، واستشهد بقول جرير :


قبح الإله وجوه تغلب كلما     سبح الحجيج وكبروا إهلالا

وقال قتادة : تسبيحهم : سبحان الله ، على عرفه في اللغة ، وهو الصحيح لما رواه أبو [ ص: 263 ] ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي الكلام أفضل ؟ قال : ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده سبحان الله وبحمده . أخرجه مسلم . وعن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلا : سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى . ذكره البيهقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية