صفحة جزء
قوله تعالى : ونقدس لك أي نعظمك ونمجدك ونطهر ذكرك عما لا يليق بك مما نسبك إليه الملحدون ، قال مجاهد وأبو صالح وغيرهما . وقال الضحاك وغيره : المعنى نطهر أنفسنا لك ابتغاء مرضاتك وقال قوم منهم قتادة : نقدس لك معناه نصلي . والتقديس : الصلاة . قال ابن عطية : وهذا ضعيف .

قلت : بل معناه صحيح ، فإن الصلاة تشتمل على التعظيم والتقديس والتسبيح ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبوح قدوس رب الملائكة والروح . روته عائشة أخرجه مسلم . وبناء " قدس " كيفما تصرف فإن معناه التطهير ، ومنه قوله تعالى : ادخلوا الأرض المقدسة أي المطهرة . وقال : الملك القدوس يعني الطاهر ، ومثله : بالواد المقدس طوى وبيت المقدس سمي به لأنه المكان الذي يتقدس فيه من الذنوب أي يتطهر ، ومنه قيل للسطل : قدس ; لأنه يتوضأ فيه ويتطهر ، ومنه القادوس . وفي الحديث : لا قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها . يريد لا طهرها الله ، أخرجه ابن ماجه في سننه . فالقدس : الطهر من غير خلاف ، وقال الشاعر : [ ص: 264 ]

فأدركنه يأخذن بالساق والنسا كما شبرق الولدان ثوب المقدس

أي المطهر . فالصلاة طهرة للعبد من الذنوب ، والمصلي يدخلها على أكمل الأحوال لكونها أفضل الأعمال ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية