قوله تعالى : 
وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين   . 
قوله تعالى : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن هذا توبيخ لمشركي 
قريش  ، أي : إن الجن سمعوا القرآن فآمنوا به وعلموا أنه من عند الله وأنتم معرضون مصرون على الكفر . ومعنى : صرفنا وجهنا إليك وبعثنا . وذلك أنهم صرفوا عن استراق السمع من السماء برجوم الشهب - على ما يأتي - ولم يكونوا بعد 
عيسى  قد صرفوا عنه إلا عند مبعث النبي صلى الله عليه وسلم . قال المفسرون 
ابن عباس   nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير  ومجاهد  وغيرهم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=866105لما مات أبو طالب  خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده إلى الطائف  يلتمس من ثقيف  النصرة فقصد عبد ياليل  ومسعودا  وحبيبا  وهم إخوة - بنو عمرو بن عمير    - وعندهم امرأة من قريش  من بني جمح  ، فدعاهم إلى الإيمان وسألهم أن ينصروه على قومه فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة  إن كان الله أرسلك وقال الآخر : ما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث : والله لا أكلمك كلمة أبدا ، إن كان الله أرسلك كما تقول فأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ، وإن كنت تكذب فما ينبغي لي أن أكلمك . ثم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويضحكون به ، حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لعتبة  وشيبة  ابني ربيعة    . فقال للجمحية : [ ماذا لقينا من أحمائك ] ؟ ثم قال : اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، لمن تكلني إلى عبد يتجهمني ، أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك من أن ينزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك . فرحمه ابنا ربيعة  وقالا لغلام لهما نصراني يقال له عداس    : خذ قطفا من العنب وضعه في هذا الطبق ثم ضعه بين يدي هذا الرجل ، فلما وضعه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :   [ ص: 196 ] باسم الله ثم أكل ، فنظر عداس  إلى وجهه ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من أي البلاد أنت يا عداس  وما دينك قال : أنا نصراني من أهل نينوى    . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى  ؟ فقال : وما يدريك ما يونس بن متى ؟  قال : ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي فانكب عداس  حتى قبل رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ويديه ورجليه . فقال له ابنا ربيعة    : لم فعلت هكذا ؟ فقال : يا سيدي ما في الأرض خير من هذا ، أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي . 
ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يئس من خير ثقيف  ، حتى إذا كان ببطن نخلة قام من الليل يصلي فمر به نفر من جن أهل نصيبين     . وكان سبب ذلك أن الجن كانوا يسترقون السمع ، فلما حرست السماء ورموا بالشهب قال إبليس : إن هذا الذي حدث في السماء لشيء حدث في الأرض ، فبعث سراياه ليعرف الخبر ، أولهم ركب نصيبين وهم أشراف الجن إلى تهامة  ، فلما بلغوا بطن نخلة سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الغداة ببطن نخلة  ويتلو القرآن ، فاستمعوا له وقالوا : أنصتوا . 
وقالت طائفة : بل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله تعالى ويقرأ عليهم القرآن ، فصرف الله - عز وجل - إليه نفرا من الجن من نينوى  وجمعهم له ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني أريد أن أقرأ القرآن على الجن الليلة فأيكم يتبعني ؟ فأطرقوا ، ثم قال الثانية فأطرقوا ، ثم قال الثالثة فأطرقوا ، فقال ابن مسعود    : أنا يا رسول الله ، قال ابن مسعود    : ولم يحضر معه أحد غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة  دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - شعبا يقال له ( شعب الحجون    ) وخط لي خطا وأمرني أن أجلس فيه وقال : لا تخرج منه حتى أعود إليك . ثم انطلق حتى قام فافتتح القرآن ، فجعلت أرى أمثال النسور تهوي وتمشي في رفرفها ، وسمعت لغطا وغمغمة حتى خفت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وغشيته أسودة كثيرة حالت بيني وبينه حتى ما أسمع صوته ، ثم طفقوا يتقطعون مثل قطع السحاب ذاهبين ، ففرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الفجر فقال : أنمت ؟ قلت : لا والله ، ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك تقرعهم بعصاك تقول اجلسوا ، فقال : لو خرجت لم آمن عليك أن يخطفك بعضهم ثم قال : هل رأيت شيئا ؟ قلت : نعم يا رسول الله ، رأيت رجالا سودا مستثفري ثيابا بيضا ، فقال : أولئك جن نصيبين  سألوني المتاع والزاد فمتعتهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة . فقالوا : يا رسول الله يقذرها الناس علينا . فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستنجى بالعظم والروث . 
قلت : يا نبي الله ، وما يغني ذلك عنهم قال : إنهم لا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل ، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبها يوم أكل فقلت : يا رسول الله ، لقد سمعت لغطا شديدا ؟ فقال : إن الجن تدارأت في قتيل بينهم فتحاكموا إلي فقضيت بينهم بالحق . ثم تبرز النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاني فقال : هل معك ماء ؟ فقلت يا نبي الله ، معي إداوة فيها شيء من نبيذ التمر فصببت على   [ ص: 197 ] يديه فتوضأ فقال : تمرة طيبة وماء طهور روى معناه 
معمر  عن 
قتادة  وشعبة أيضا عن 
ابن مسعود    . وليس في حديث 
معمر  ذكر نبيذ التمر . 
روي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي  أن 
ابن مسعود  أبصر زطا فقال : ما هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الزط . قال : ما رأيت شبههم إلا الجن ليلة الجن فكانوا مستفزين يتبع بعضهم بعضا   . وذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة  حدثني 
قيس بن الحجاج  عن 
حنش  عن 
ابن عباس  nindex.php?page=hadith&LINKID=831164عن ابن مسعود  أنه وضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن بنبيذ فتوضأ به وقال : شراب وطهور   . 
ابن لهيعة  لا يحتج به . وبهذا السند 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831165عن ابن مسعود    : أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أمعك ماء يا  nindex.php?page=showalam&ids=10بن مسعود  ؟ فقال : معي نبيذ في إداوة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : صب علي منه . فتوضأ وقال : هو شراب وطهور تفرد به 
ابن لهيعة  وهو ضعيف الحديث . 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني    : وقيل إن 
ابن مسعود  لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن . كذلك رواه 
علقمة بن قيس   nindex.php?page=showalam&ids=12077وأبو عبيدة بن عبد الله  وغيرهما عنه أنه قال : ما شهدت ليلة الجن . حدثنا 
أبو محمد بن صاعد  حدثنا أبو الأشعث  حدثنا 
بشر بن المفضل  حدثنا 
 nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند  عن 
عامر  عن 
علقمة بن قيس  قال قلت 
 nindex.php?page=showalam&ids=10لعبد الله بن مسعود    : أشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد منكم ليلة أتاه داعي الجن ؟ قال لا . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني    : هذا إسناد صحيح لا يختلف في عدالة راويه . وعن 
عمرو بن مرة  قال قلت 
لأبي عبيدة    : حضر 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود  ليلة الجن ؟ فقال لا . قال 
ابن عباس    : كان الجن سبعة نفر من جن 
نصيبين  فجعلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - رسلا إلى قومهم . وقال 
زر بن حبيش    : كانوا تسعة أحدهم 
زوبعة    . وقال 
قتادة    : إنهم من 
أهل نينوى     . وقال 
مجاهد    : من 
أهل حران     . وقال 
عكرمة    : من جزيرة 
الموصل    . وقيل : إنهم كانوا سبعة ، ثلاثة من 
أهل نجران   وأربعة من أهل 
نصيبين    . وروى 
ابن أبي الدنيا  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في هذا الحديث وذكر فيه 
نصيبين  فقال : رفعت إلي حتى رأيتها فدعوت الله أن يكثر مطرها وينضر شجرها وأن يغزو نهرها . وقال 
السهيلي    : ويقال كانوا سبعة ، وكانوا 
يهودا  فأسلموا ، ولذلك قالوا :   
[ ص: 198 ] أنزل من بعد موسى وقيل في أسمائهم : شاصر وماصر ومنشى وماشي والأحقب ، ذكر هؤلاء الخمسة 
ابن دريد    . ومنهم 
عمرو بن جابر  ، ذكره 
ابن سلام  من طريق 
 nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق السبيعي  عن أشياخه عن 
ابن مسعود  أنه كان في نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشون فرفع لهم إعصار ثم جاء إعصار أعظم منه فإذا حية قتيل ، فعمد رجل منا إلى ردائه فشقه وكفن الحية ببعضه ودفنها ، فلما جن الليل إذا امرأتان تسألان : أيكم دفن 
عمرو بن جابر ؟  فقلنا : ما ندري من 
عمرو بن جابر  فقالتا : إن كنتم ابتغيتم الأجر فقد وجدتموه ، إن فسقة الجن اقتتلوا مع المؤمنين فقتل 
عمرو  ، وهو الحية التي رأيتم ، وهو من النفر الذين استمعوا القرآن من 
محمد    - صلى الله عليه وسلم - ثم ولوا إلى قومهم منذرين   . وذكر 
ابن سلام  رواية أخرى : أن الذي كفنه هو 
صفوان بن المعطل    . 
قلت : وذكر هذا الخبر 
الثعلبي  بنحوه فقال : وقال 
ثابت بن قطبة  جاء أناس إلى 
ابن مسعود  فقالوا : إنا كنا في سفر فرأينا حية متشحطة في دمائها ، فأخذها رجل منا فواريناها ، فجاء أناس فقالوا : أيكم دفن 
عمرا ؟  قلنا وما 
عمرو ؟  قالوا الحية التي دفنتم في مكان كذا ، أما إنه كان من النفر الذين سمعوا القرآن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بين حيين من الجن مسلمين وكافرين قتال فقتل   . ففي هذا الخبر أن 
ابن مسعود  لم يكن في سفر ولا حضر الدفن ، والله أعلم . 
وذكر 
ابن أبي الدنيا  عن رجل من التابعين سماه : أن حية دخلت عليه في خبائه تلهث عطشا فسقاها ثم أنها ماتت فدفنها ، فأتي من الليل فسلم عليه وشكر ، وأخبر أن تلك الحية كانت رجلا من 
جن نصيبين  اسمه زوبعة . قال 
السهيلي    : وبلغنا في فضائل 
عمر بن عبد العزيز    - رضي الله عنه - مما حدثنا به 
أبو بكر بن طاهر الأشبيلي  أن 
عمر بن عبد العزيز  كان يمشي بأرض فلاة ، فإذا حية ميتة فكفنها بفضلة من ردائه ودفنها ، فإذا قائل يقول : يا سرق ، أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : [ ستموت بأرض فلاة فيكفنك رجل صالح ] . فقال : ومن أنت يرحمك الله ؟ فقال : رجل من الجن الذين استمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبق منهم إلا أنا وسرق ، وهذا سرق قد مات   . 
وقد قتلت 
عائشة  رضي الله عنها حية رأتها في حجرتها تستمع 
 nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة  تقرأ ، فأتيت في المنام فقيل لها : إنك قتلت رجلا مؤمنا من الجن الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : لو كان مؤمنا ما دخل على حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقيل لها : ما دخل عليك إلا وأنت متقنعة ، وما جاء   
[ ص: 199 ] إلا ليستمع الذكر . فأصبحت 
عائشة  فزعة ، واشترت رقابا فأعتقتهم   . 
قال 
السهيلي    : وقد ذكرنا من أسماء هؤلاء الجن ما حضرنا ، فإن كانوا سبعة فالأحقب منهم وصف لأحدهم ، وليس باسم علم ، فإن الأسماء التي ذكرناها آنفا ثمانية بالأحقب . والله أعلم . 
قلت : وقد ذكر الحافظ 
 nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر  في تاريخه : هامة بن الهيم بن الأقيس بن إبليس ، قيل : إنه من مؤمني الجن وممن لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلمه سورة ( إذا وقعت الواقعة ) و ( المرسلات ) و ( عم يتساءلون ) و ( إذا الشمس كورت ) و ( الحمد ) و ( المعوذتين ) وذكر أنه حضر قتل 
هابيل  وشرك في دمه وهو غلام ابن أعوام ، وأنه لقي 
نوحا  وتاب على يديه ، 
وهودا  وصالحا  ويعقوب  ويوسف  وإلياس  وموسى بن عمران  وعيسى ابن مريم  عليهم السلام . وقد ذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي  أسماءهم عن 
مجاهد  فقال : حسى ومسى ومنشى وشاصر وماصر والأرد وأنيان والأحقم . وذكرها 
 nindex.php?page=showalam&ids=12763أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك  قال : حدثنا 
محمد بن البراء  قال حدثنا 
الزبير بن بكار  قال : كان 
حمزة بن عتبة بن أبي لهب  يسمي جن نصيبين الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول : حسى ومسى وشاصر وماصر والأفخر والأرد وأنيال . 
قوله تعالى : 
فلما حضروه أي حضروا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو من باب تلوين الخطاب . وقيل : لما حضروا القرآن واستماعه . 
قالوا أنصتوا أي قال بعضهم لبعض اسكتوا لاستماع القرآن . قال 
ابن مسعود    : هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة ، فلما سمعوه قالوا أنصتوا قالوا صه . وكانوا سبعة : أحدهم زوبعة ، فأنزل الله تعالى : 
وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا الآية إلى قوله : 
في ضلال مبين وقيل : أنصتوا لسماع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والمعنى متقارب . فلما قضي وقرأ 
لاحق بن حميد  وخبيب بن عبد الله بن الزبير    ( فلما قضى ) بفتح القاف والضاد ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الصلاة . وذلك أنهم خرجوا حين حرست السماء من استراق السمع ليستخبروا ما أوجب ذلك ؟ فجاءوا وادي نخلة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة الفجر ، وكانوا سبعة ، فسمعوه وانصرفوا 
إلى قومهم منذرين ، ولم يعلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : بل 
أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينذر الجن ويقرأ عليهم القرآن ، فصرف الله إليه نفرا من الجن ليستمعوا منه وينذروا قومهم ، فلما تلا عليهم القرآن وفرغ انصرفوا بأمره قاصدين من وراءهم من قومهم من الجن ، منذرين لهم   
[ ص: 200 ] مخالفة القرآن ومحذرين إياهم بأس الله إن لم يؤمنوا . وهذا يدل على أنهم آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه أرسلهم . ويدل على هذا قولهم : 
ياقومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ولولا ذلك لما أنذروا قومهم . وقد تقدم عن 
ابن عباس  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلهم رسلا إلى قومهم ، فعلى هذا ليلة الجن ليلتان ، وقد تقدم هذا المعنى مستوفى . وفي صحيح 
مسلم  ما يدل على ذلك على ما يأتي بيانه في ( 
قل أوحي إلي   ) . وفي صحيح 
مسلم  عن 
معن  قال : سمعت أبي قال سألت 
مسروقا    : من آذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجن ليلة استمعوا القرآن ؟ فقال : حدثني أبوك - يعني 
ابن مسعود    - أنه آذنته بهم شجرة   .