[ ص: 281 ] قوله تعالى : 
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون   . 
قال 
مجاهد  وغيره : نزلت في أعراب 
بني تميم  ، قدم الوفد منهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدخلوا المسجد ونادوا النبي - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجرته أن اخرج إلينا ، فإن مدحنا زين وذمنا شين . وكانوا سبعين رجلا قدموا الفداء ذراري لهم ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - نام للقائلة . وروي أن 
nindex.php?page=hadith&LINKID=865014الذي نادى الأقرع بن حابس  ، وأنه القائل : إن مدحي زين وإن ذمي شين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ذاك الله   ) . ذكره 
الترمذي  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب  أيضا . 
وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم  فقال : أتى أناس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ، فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس باتباعه ، وإن يكن ملكا نعش في جنابه . فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا ينادونه وهو في حجرته : يا 
محمد  ، يا 
محمد  ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . قيل : إنهم كانوا من 
بني تميم    . قال 
مقاتل  كانوا تسعة عشر : 
قيس بن عاصم  ، 
والزبرقان بن بدر  ، 
والأقرع بن حابس  ، 
وسويد بن هاشم  ، 
وخالد بن مالك  ، 
وعطاء بن حابس  ، 
والقعقاع بن معبد  ، 
ووكيع بن وكيع  ، 
وعيينة بن حصن  وهو الأحمق المطاع ، وكان من الجرارين يجر عشرة آلاف قناة ، أي : يتبعه ، وكان اسمه 
حذيفة  وسمي 
عيينة  لشتر كان في عينيه ذكر 
عبد الرزاق  في 
عيينة  هذا : أنه الذي نزل فيه 
ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا   . وقد مضى في آخر ( الأعراف ) من قوله 
لعمر    - رضي الله عنه - ما فيه كفاية ، ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري    . 
وروي أنهم 
وفدوا وقت الظهيرة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راقد ، فجعلوا ينادونه : يا محمد  يا محمد  ، اخرج إلينا ، فاستيقظ وخرج ، ونزلت . وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( هم جفاة بني تميم  لولا أنهم من أشد الناس قتالا للأعور الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم   ) . والحجرات جمع حجرة ، كالغرفات جمع غرفة ، والظلمات جمع ظلمة . وقيل : الحجرات جمع الحجر ، والحجر جمع حجرة ، فهو جمع الجمع . وفيه لغتان : ضم الجيم وفتحها . قال : 
ولما رأونا باديا ركباتنا على موطن لا نخلط الجد بالهزل 
والحجرة : الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها . وحظيرة الإبل تسمى الحجرة ، وهي فعلة بمعنى مفعولة . وقرأ 
أبو جعفر بن القعقاع    ( الحجرات ) بفتح الجيم استثقالا للضمتين . وقرئ ( الحجرات ) بسكون الجيم تخفيفا . وأصل الكلمة المنع . وكل 
[ ص: 282 ] ما منعت أن يوصل إليه فقد حجرت عليه . ثم يحتمل أن يكون المنادي بعضا من الجملة فلهذا قال : 
أكثرهم لا يعقلون أي إن الذين ينادونك من جملة قوم الغالب عليهم الجهل .