صفحة جزء
قوله تعالى : وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم

قوله تعالى : وفي عاد أي وتركنا في عاد آية لمن تأمل .

إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وهي التي لا تلقح سحابا ولا شجرا ، ولا رحمة فيها ولا بركة ولا منفعة ; ومنه امرأة عقيم لا تحمل ولا تلد . ثم قيل : هي الجنوب . روى ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الريح العقيم الجنوب وقال مقاتل : هي الدبور كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور . وقال ابن عباس : هي النكباء . وقال عبيد بن عمير : مسكنها الأرض الرابعة وما فتح على عاد منها إلا كقدر منخر الثور . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد أيضا أنها الصبا ; فالله أعلم .

قوله تعالى : ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم أي كالشيء الهشيم ; يقال للنبت إذا يبس وتفتت : رميم وهشيم . قال ابن عباس : كالشيء الهالك البالي ; وقاله مجاهد : ومنه قول الشاعر جرير : [ ص: 48 ]

تركتني حين كف الدهر من بصري وإذ بقيت كعظم الرمة البالي

وقال قتادة : إنه الذي ديس من يابس النبات . وقال أبو العالية والسدي : كالتراب المدقوق . قطرب : الرميم الرماد . وقال يمان : ما رمته الماشية من الكلإ بمرمتها . ويقال للشفة المرمة والمقمة بالكسر ، والمرمة بالفتح لغة فيه . وأصل الكلمة من رم العظم إذا بلي ; تقول منه : رم العظم يرم بالكسر رمة فهو رميم ، قال الشاعر :

ورأى عواقب خلف ذاك مذمة     تبقى عليه والعظام رميم

والرمة بالكسر العظام البالية والجمع رمم ورمام . ونظير هذه الآية : تدمر كل شيء حسب ما تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية