قوله تعالى : 
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون قوله تعالى : والسماء بنيناها بأيد لما بين هذه الآيات قال : وفي السماء آيات وعبر تدل على أن الصانع قادر على الكمال ، فعطف أمر السماء على قصة قوم 
نوح  لأنهما آيتان . ومعنى بأيد أي بقوة وقدرة . عن 
ابن عباس  وغيره . 
وإنا لموسعون قال 
ابن عباس    : لقادرون   . وقيل : أي وإنا لذو سعة ، وبخلقها وخلق غيرها لا يضيق علينا شيء نريده . وقيل : أي وإنا لموسعون الرزق على خلقنا . عن 
ابن عباس  أيضا . 
الحسن    : وإنا لمطيقون . وعنه أيضا : وإنا لموسعون الرزق بالمطر . وقال 
الضحاك    : أغنيناكم ; دليله : على الموسع قدره . وقال 
القتبي    : ذو سعة على خلقنا . والمعنى متقارب . وقيل : جعلنا بينهما وبين الأرض سعة . 
الجوهري    : وأوسع الرجل أي صار ذا سعة وغنى ، ومنه قوله تعالى : 
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون أي أغنياء قادرون . فشمل جميع الأقوال . 
والأرض فرشناها أي بسطناها كالفراش على وجه الماء ومددناها . 
فنعم الماهدون أي فنعم الماهدون نحن لهم . والمعنى في الجمع التعظيم ; مهدت الفراش مهدا بسطته ووطأته ، وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها . 
قوله تعالى : ومن كل شيء خلقنا زوجين أي صنفين ونوعين مختلفين . قال 
ابن زيد    : أي ذكرا وأنثى وحلوا وحامضا ونحو ذلك . 
مجاهد    . يعني الذكر والأنثى ، والسماء والأرض ، والشمس والقمر ، والليل والنهار ، والنور والظلام ، والسهل والجبل ، والجن   
[ ص: 50 ] والإنس ، والخير والشر ، والبكرة والعشي ، وكالأشياء المختلفة الألوان من الطعوم والأراييح والأصوات . أي جعلنا هذا كهذا دلالة على قدرتنا ، ومن قدر على هذا فليقدر على الإعادة . وقيل : 
ومن كل شيء خلقنا زوجين لتعلموا أن خالق الأزواج فرد ، فلا يقدر في صفته حركة ولا سكون ، ولا ضياء ولا ظلام ، ولا قعود ولا قيام ، ولا ابتداء ولا انتهاء ; إذ هو عز وجل وتر ليس كمثله شيء 
لعلكم تذكرون   .