قوله تعالى : 
إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين قوله تعالى : إن المتقين في جنات ونعيم لما ذكر حال الكفار ذكر حال المؤمنين أيضا فاكهين أي ذوي فاكهة كثيرة ; يقال : رجل فاكه أي ذو فاكهة ، كما يقال : لابن وتامر ; أي ذو لبن وتمر ; قال : 
وغررتني وزعمت أن ك لابن بالصيف تامر 
أي ذو لبن وتمر . وقرأ 
الحسن  وغيره : " فكهين " بغير ألف ومعناه معجبين ناعمين في قول 
ابن عباس  وغيره ; يقال : فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا . والفكه أيضا الأشر البطر . وقد مضى في " الدخان " القول في هذا . 
بما آتاهم أي أعطاهم ربهم 
ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا أي يقال لهم ذلك . 
هنيئا الهنيء ما لا تنغيص فيه ولا نكد ولا كدر . قال 
الزجاج    : أي ليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا . وقيل : أي متعتم بنعيم الجنة إمتاعا هنيئا ، وقيل : أي كلوا واشربوا هنئتم هنيئا فهو صفة في موضع المصدر . وقيل هنيئا : أي حلالا . وقيل : لا أذى فيه ولا غائلة . وقيل : هنيئا أي لا تموتون ; فإن ما لا يبقى أو لا يبقى الإنسان معه منغص غير هنيء . 
قوله تعالى : 
متكئين على سرر سرر جمع سرير وفي الكلام حذف تقديره : متكئين على نمارق سرر . 
مصفوفة قال 
ابن الأعرابي    : أي موصولة بعضها إلى بعض حتى تصير صفا . وفي الأخبار أنها تصف في السماء بطول كذا وكذا ; فإذا أراد العبد أن يجلس عليها تواضعت له ; فإذا جلس عليها عادت إلى حالها . قال 
ابن عباس    : هي سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت ، والسرير ما بين 
مكة  وأيلة    . 
وزوجناهم بحور عين أي قرناهم بهن . قال 
يونس بن حبيب    : تقول العرب زوجته امرأة وتزوجت امرأة ; وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة . قال : وقول الله عز وجل : 
وزوجناهم بحور عين أي قرناهم بهن ; من قول الله تعالى : 
احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي وقرناءهم . وقال 
الفراء    : تزوجت بامرأة لغة في 
أزد شنوءة    . وقد مضى القول في معنى الحور العين .  
[ ص: 62 ]