قوله تعالى : 
ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم 
فيه خمس مسائل : 
الأولى : قوله تعالى : 
يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا فاحذروهم  [ ص: 131 ] قال ابن عباس    : نزلت هذه الآية بالمدينة  في  nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي    ; شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده ; فنزلت   . ذكره النحاس . وحكاه 
الطبري  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار  قال : نزلت سورة " التغابن " كلها 
بمكة  إلا هؤلاء الآيات : 
يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم نزلت في 
 nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي  كان ذا أهل وولد ، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه فقالوا : إلى من تدعنا ؟ فيرق فيقيم ; فنزلت : 
يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم الآية كلها 
بالمدينة  في 
 nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الأشجعي    . وبقية الآيات إلى آخر السورة 
بالمدينة    . وروى 
الترمذي  nindex.php?page=hadith&LINKID=831430عن ابن عباس    - وسأله رجل عن هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم   - قال : هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة   وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم ; فأنزل الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم الآية   . هذا حديث حسن صحيح . 
الثانية : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي    : هذا يبين وجه العداوة ; فإن العدو لم يكن عدوا لذاته وإنما كان عدوا بفعله . فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوا ، ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة . وفي صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  من حديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=865228  " إن الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان فقال له : أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك ، فخالفه فآمن . ثم قعد له على طريق الهجرة فقال له : أتهاجر وتترك مالك وأهلك ، فخالفه فهاجر . ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له : أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك ، فخالفه فجاهد فقتل ، فحق على الله أن يدخله الجنة "   . وقعود الشيطان يكون بوجهين : أحدهما : يكون   
[ ص: 132 ] بالوسوسة . والثاني : بأن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب ; قال الله تعالى : 
وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم   . وفي حكمة 
عيسى  عليه السلام : من اتخذ أهلا ومالا وولدا كان للدنيا عبدا . وفي صحيح الحديث بيان أدنى من ذلك في حال العبد ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=831431  " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد القطيفة ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش "   . ولا دناءة أعظم من عبادة الدينار والدرهم ، ولا همة أخس من همة ترتفع بثوب جديد . 
الثالثة : كما أن الرجل يكون له ولده وزوجه عدوا كذلك المرأة يكون لها زوجها وولدها عدوا بهذا المعنى بعينه . وعموم قوله : " من أزواجكم " يدخل فيه الذكر والأنثى لدخولهما في كل آية . والله أعلم . 
الرابعة : قوله تعالى : فاحذروهم معناه على أنفسكم . والحذر على النفس يكون بوجهين : إما لضرر في البدن ، وإما لضرر في الدين . وضرر البدن يتعلق بالدنيا ، وضرر الدين يتعلق بالآخرة . فحذر الله سبحانه العبد من ذلك وأنذره به . 
الخامسة : قوله تعالى : 
وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم روى 
الطبري  nindex.php?page=hadith&LINKID=865230عن عكرمة  في قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال : كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له أهله : أين تذهب وتدعنا ؟ قال : فإذا أسلم وفقه قال : لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر ، فلأفعلن ولأفعلن ; قال : فأنزل الله عز وجل : وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم   . وقال 
مجاهد  في قوله تعالى : 
يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال : ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن أخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم   . والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد . وخصوص السبب لا يمنع عموم الحكم .