[ ص: 206 ] تفسير سورة ن والقلم 
مكية في قول 
الحسن  وعكرمة   nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء  وجابر    . وقال 
ابن عباس  وقتادة    : من أولها إلى قوله تعالى : 
سنسمه على الخرطوم مكي . ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : 
أكبر لو كانوا يعلمون مدني . ومن بعد ذلك إلى قوله : يكتبون مكي . ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : 
من الصالحين مدني ، وما بقي مكي   ; قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي    . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
قوله تعالى : 
ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون 
قوله تعالى : 
ن والقلم أدغم النون الثانية في هجائها في الواو 
أبو بكر  والمفضل  وهبيرة   nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش  وابن محيصن  وابن عامر   nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  ويعقوب    . والباقون بالإظهار . وقرأ 
عيسى بن عمر  بفتحها ; كأنه أضمر فعلا . وقرأ 
ابن عباس  ونصر  وابن أبي إسحاق  بكسرها على إضمار حرف القسم . وقرأ 
هارون  ومحمد بن السميقع  بضمها على البناء . واختلف في تأويله ; فروى   
[ ص: 207 ] معاوية بن قرة  عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : 
  " ن لوح من نور "   . وروى 
ثابت البناني  أن " ن " الدواة . وقاله 
الحسن  وقتادة    . وروى 
 nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم  قال : حدثنا 
مالك بن أنس  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16055سمي مولى أبي بكر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12045أبي صالح السمان  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=865296  " أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة وذلك قوله تعالى : ن والقلم ثم قال له : اكتب . قال : وما أكتب ؟ قال : ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل أو أجل أو رزق أو أثر . فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة - قال - ثم ختم فم القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة . ثم خلق العقل فقال الجبار : ما خلقت خلقا أعجب إلي منك ، وعزتي وجلالي لأكملنك فيمن أحببت ، ولأنقصنك فيمن أبغضت " قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
  " أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته "   . وعن 
مجاهد  قال : ن الحوت الذي تحت الأرض السابعة . قال : والقلم الذي كتب به الذكر   . وكذا قال 
مقاتل   nindex.php?page=showalam&ids=17058ومرة الهمداني   nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني   nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي  والكلبي    : إن النون هو الحوت الذي عليه الأرضون   . وروى 
أبو ظبيان  عن 
ابن عباس  قال : أول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء فخلق منه السماء ، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره ، فمادت الأرض فأثبتت بالجبال ، وإن الجبال لتفخر على الأرض . ثم قرأ 
ابن عباس    " ن والقلم " الآية   . وقال 
الكلبي  ومقاتل    : اسمه البهموت . قال الراجز : 
مالي أراكم كلكم سكوتا والله ربي خلق البهموتا 
وقال 
أبو اليقظان   nindex.php?page=showalam&ids=15472والواقدي    : ليوثا . وقال 
كعب    : لوثوثا . وقال : بلهموثا . وقال 
كعب    : إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرضون فوسوس في قلبه ، وقال : أتدري ما على ظهرك يا لوثوثا من الدواب والشجر والأرضين وغيرها ، لو لفظتهم ألقيتهم عن ظهرك أجمع ; فهم ليوثا أن يفعل ذلك ، فبعث الله إليه دابة فدخلت منخره ووصلت إلى دماغه ، فضج   
[ ص: 208 ] الحوت إلى الله عز وجل منها فأذن الله لها فخرجت . قال كعب : فوالله إنه لينظر إليها وتنظر إليه إن هم بشيء من ذلك عادت كما كانت   . وقال 
الضحاك  عن 
ابن عباس    : إن ن آخر حرف من حروف الرحمن . قال : " الر " ، و " حم " ، و " ن " ; الرحمن تعالى متقطعة   . وقال 
ابن زيد    : هو قسم أقسم تعالى به . وقال 
ابن كيسان    : هو فاتحة السورة . وقيل : اسم السورة . وقال 
عطاء   nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية    : هو افتتاح اسمه نصير ونور وناصر . وقال 
محمد بن كعب    : أقسم الله تعالى بنصره للمؤمنين ; وهو حق . بيانه قوله تعالى : 
وكان حقا علينا نصر المؤمنين وقال 
جعفر الصادق    : هو نهر من أنهار الجنة يقال له نون . وقيل : هو المعروف من حروف المعجم ، لأنه لو كان غير ذلك لكان معربا ; وهو اختيار 
 nindex.php?page=showalam&ids=12851القشيري أبو نصر عبد الرحيم  في تفسيره . قال : لأن " ن " حرف لم يعرب ، فلو كان كلمة تامة أعرب كما أعرب القلم ، فهو إذا حرف هجاء كما في سائر مفاتيح السور . وعلى هذا قيل : هو اسم السورة ، أي هذه السورة " ن " . ثم قال : " والقلم " أقسم بالقلم لما فيه من البيان كاللسان ; وهو واقع على كل قلم مما يكتب به من في السماء ومن في الأرض ; ومنه قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13873أبي الفتح البستي    : 
إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم     وعدوه مما يكسب المجد والكرم 
كفى قلم الكتاب عزا ورفعة     مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم 
وللشعراء في تفضيل القلم على السيف أبيات كثيرة ; ما ذكرناه أعلاها . وقال 
ابن عباس    : هذا قسم بالقلم الذي خلقه الله ; فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة . قال : وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والأرض . ويقال : خلق الله القلم ثم نظر إليه فانشق نصفين ; فقال : اجر ; فقال : يا رب بم أجري ؟ قال بما هو كائن إلى يوم القيامة ; فجرى على اللوح المحفوظ . 
nindex.php?page=hadith&LINKID=865298وقال الوليد بن عبادة بن الصامت    : أوصاني أبي عند موته فقال : يا بني ، اتق الله ، واعلم أنك لن تتقي ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده ، والقدر خيره وشره ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول ما خلق الله القلم فقال له : اكتب . فقال : يا رب ، وما أكتب ؟ فقال : اكتب القدر . فجرى القلم في تلك الساعة بما كان وما هو كائن إلى الأبد " وقال 
ابن عباس    :   
[ ص: 209 ] أول ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن ; فكتب فيما كتب : 
تبت يدا أبي لهب   . وقال 
قتادة    : القلم نعمة من الله تعالى على عباده   . قال غيره : فخلق الله القلم الأول فكتب ما يكون في الذكر ووضعه عنده فوق عرشه ، ثم خلق القلم الثاني ليكتب به في الأرض ; على ما يأتي بيانه في سورة " 
اقرأ باسم ربك   " . 
قوله تعالى : 
وما يسطرون أي وما يكتبون . يريد الملائكة يكتبون أعمال بني آدم ; قاله 
ابن عباس    : وقيل : وما يكتبون أي الناس ويتفاهمون به . وقال 
ابن عباس    : ومعنى 
وما يسطرون وما يعلمون   . و " ما " موصولة أو مصدرية ; أي ومسطوراتهم أو وسطرهم ، ويراد به كل من يسطر أو الحفظة ; على الخلاف . 
ما أنت بنعمة ربك بمجنون هذا جواب القسم وهو نفي ، وكان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم إنه مجنون ، به شيطان . وهو قولهم : 
يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون فأنزل الله تعالى ردا عليهم وتكذيبا لقولهم 
ما أنت بنعمة ربك بمجنون أي برحمة ربك . والنعمة هاهنا الرحمة . ويحتمل ثانيا - أن النعمة هاهنا قسم ; وتقديره : ما أنت ونعمة ربك بمجنون ; لأن الواو والباء من حروف القسم . وقيل هو كما تقول : ما أنت بمجنون ، والحمد لله . وقيل : معناه ما أنت بمجنون ، والنعمة لربك ; كقولهم : سبحانك اللهم وبحمدك ; أي والحمد لله . ومنه قول 
لبيد    : 
وأفردت في الدنيا بفقد عشيرتي     وفارقني جار بأربد نافع 
أي وهو أربد . وقال 
النابغة    : 
لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم     طفحت عليك بناتق مذكار 
أي هو ناتق . والباء في " بنعمة ربك " متعلقة بمجنون منفيا ; كما يتعلق بغافل مثبتا . كما في قولك : أنت بنعمة ربك غافل . ومحله النصب على الحال ; كأنه قال : ما أنت بمجنون منعما عليك بذلك . 
وإن لك لأجرا أي ثوابا على ما تحملت من أثقال النبوة . 
غير ممنون أي غير مقطوع ولا منقوص ; يقال : مننت الحبل إذا قطعته . وحبل منين إذا كان غير متين . قال الشاعر : غبسا كواسب لا يمن طعامها  
[ ص: 210 ] أي لا يقطع . وقال 
مجاهد    : 
غير ممنون   : محسوب   . 
الحسن    : 
غير ممنون غير مكدر بالمن   . 
الضحاك    : أجرا بغير عمل . وقيل : غير مقدر وهو التفضل ; لأن الجزاء مقدر والتفضل غير مقدر ; ذكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي  ، وهو معنى قول 
مجاهد    .