صفحة جزء
[ ص: 209 ] سورة الانفطار

مكية عند الجميع . وهي تسع عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت

قوله تعالى : إذا السماء انفطرت أي تشققت بأمر الله ; لنزول الملائكة ; كقوله : ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا . وقيل : تفطرت لهيبة الله تعالى . والفطر : الشق ; يقال : فطرته فانفطر ; ومنه فطر ناب البعير : طلع ، فهو بعير فاطر ، وتفطر الشيء : شقق ، وسيف فطار أي فيه شقوق ; قال عنترة :


وسيفي كالعقيقة وهو كمعي سلاحي لا أفل ولا فطارا

وقد تقدم في غير موضع .

وإذا الكواكب انتثرت أي تساقطت ; نثرت الشيء أنثره نثرا ، فانتثر ، والاسم النثار . والنثار بالضم : ما تناثر من الشيء ، ودر منثر ، شدد للكثرة .

وإذا البحار فجرت أي فجر بعضها في بعض ، فصارت بحرا واحدا ، على ما تقدم . قال الحسن : فجرت : ذهب ماؤها ويبست ; وذلك أنها أولا راكدة مجتمعة ; فإذا فجرت تفرقت ، فذهب ماؤها . وهذه الأشياء بين يدي الساعة ، على ما تقدم في إذا الشمس كورت .

[ ص: 210 ] وإذا القبور بعثرت أي قلبت وأخرج ما فيها من أهلها أحياء ; يقال : بعثرت المتاع : قلبته ظهرا لبطن ، وبعثرت الحوض وبحثرته : إذا هدمته وجعلت أسفله أعلاه . وقال قوم منهم الفراء : بعثرت : أخرجت ما في بطنها من الذهب والفضة . وذلك من أشراط الساعة : أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها . علمت نفس ما قدمت وأخرت مثل : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر . وتقدم . وهذا جواب إذا السماء انفطرت لأنه قسم في قول الحسن وقع على قوله تعالى : علمت نفس يقول : إذا بدت هذه الأمور من أشراط الساعة ختمت الأعمال فعلمت كل نفس ما كسبت ; فإنها لا ينفعها عمل بعد ذلك . وقيل : أي إذا كانت هذه الأشياء قامت القيامة ، فحوسبت كل نفس بما عملت ، وأوتيت كتابها بيمينها أو بشمالها ، فتذكرت عند قراءته جميع أعمالها . وقيل : هو خبر ، وليس بقسم ، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية