قوله تعالى : 
بل الذين كفروا يكذبون والله أعلم بما يوعون فبشرهم بعذاب أليم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون قوله تعالى : 
بل الذين كفروا يكذبون محمدا    - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به . وقال 
مقاتل    : نزلت في 
بني عمرو بن عمير  وكانوا أربعة ، فأسلم اثنان منهم . وقيل : هي في جميع الكفار . 
والله أعلم بما يوعون أي بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب . كذا روى 
الضحاك  عن 
ابن عباس    . وقال 
مجاهد    : يكتمون من أفعالهم . 
ابن زيد    : يجمعون من الأعمال الصالحة   
[ ص: 243 ] والسيئة ; مأخوذ من الوعاء الذي يجمع ما فيه ; يقال : أوعيت الزاد والمتاع : إذا جعلته في الوعاء ; قال الشاعر : 
الخير أبقى وإن طال الزمان به والشر أخبث ما أوعيت من زاد 
ووعاه أي حفظه ; تقول : وعيت الحديث أعيه وعيا ، وأذن واعية . وقد تقدم . 
فبشرهم بعذاب أليم أي موجع في جهنم على تكذيبهم . أي جعل ذلك بمنزلة البشارة . 
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات استثناء منقطع ، كأنه قال : لكن الذين صدقوا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن 
محمدا  رسول الله ، وعملوا الصالحات ، أي أدوا الفرائض المفروضة عليهم . 
لهم أجر أي ثواب غير ممنون أي غير منقوص ولا مقطوع ; يقال : مننت الحبل : إذا قطعته . وقد تقدم . 
وسأل 
نافع بن الأزرق  ابن عباس  عن قوله 
لهم أجر غير ممنون   : فقال : غير مقطوع . فقال : هل تعرف ذلك العرب ؟ قال : نعم قد عرفه 
أخو يشكر  حيث يقول : 
فترى خلفهن من سرعة الرج     ع منينا كأنه أهباء 
قال 
المبرد    : المنين : الغبار ; لأنها تقطعه وراءها . وكل ضعيف منين وممنون . وقيل : غير ممنون لا يمن عليهم به . وذكر ناس من أهل العلم أن قوله : 
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليس استئناء ، وإنما هو بمعنى الواو ، كأنه قال : والذين آمنوا . وقد مضى في ( البقرة ) القول فيه والحمد لله . تمت سورة الانشقاق .