صفحة جزء
قوله تعالى : الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب

قوله تعالى : قوله تعالى : الذين طغوا في البلاد يعني عادا وثمود وفرعون طغوا أي تمردوا [ ص: 44 ] وعتوا وتجاوزوا القدر في الظلم والعدوان .

فأكثروا فيها الفساد أي الجور والأذى . والذين طغوا أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم . ويجوز أن يكون مرفوعا على : هم الذين طغوا ، أو مجرورا على وصف المذكورين : عاد ، وثمود ، وفرعون .

فصب عليهم ربك أي أفرغ عليهم وألقى يقال : صب على فلان خلعة ، أي ألقاها عليه . وقال النابغة :


فصب عليه الله أحسن صنعه وكان له بين البرية ناصرا

سوط عذاب أي نصيب عذاب . ويقال : شدته ; لأن السوط كان عندهم نهاية ما يعذب به . قال الشاعر :


ألم تر أن الله أظهر دينه     وصب على الكفار سوط عذاب

وقال الفراء : وهي كلمة تقولها العرب لكل نوع من أنواع العذاب . وأصل ذلك أن السوط هو عذابهم الذي يعذبون به ، فجرى لكل عذاب إذ كان فيه عندهم غاية العذاب . وقيل : معناه عذاب يخالط اللحم والدم من قولهم : ساطه يسوطه سوطا أي خلطه ، فهو سائط . فالسوط : خلط الشيء بعضه ببعض ومنه سمي المسواط . وساطه أي خلطه ، فهو سائط ، وأكثر ذلك يقال : سوط فلان أموره . قال :


فسطها ذميم الرأي غير موفق     فلست على تسويطها بمعان

قال أبو زيد : يقال أموالهم سويطة بينهم أي مختلطة . حكاه عنه يعقوب . وقال الزجاج : أي جعل سوطهم الذي ضربهم به العذاب . يقال : ساط دابته يسوطها أي ضربها بسوطه . وعن عمرو بن عبيد : كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال : إن عند الله أسواطا كثيرة ، فأخذهم بسوط منها . وقال قتادة : كل شيء عذب الله تعالى به فهو سوط عذاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية