الثانية : 
قوله تعالى : لا يعلمون الكتاب إلا أماني   " إلا " ها هنا بمعنى لكن ، فهو استثناء منقطع ، كقوله تعالى : ما 
لهم به من علم إلا اتباع الظن   . وقال 
النابغة    : 
حلفت يمينا غير ذي مثنوية ولا علم إلا حسن ظن بصاحب 
وقرأ 
أبو جعفر  وشيبة   nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج    ( إلا أماني ) خفيفة الياء ، حذفوا إحدى الياءين استخفافا . قال 
أبو حاتم    : كل ما جاء من هذا النحو واحده مشدد ، فلك فيه التشديد والتخفيف ، مثل أثافي وأغاني وأماني ، ونحوه . وقال 
الأخفش    : هذا كما يقال في جمع مفتاح : مفاتيح ومفاتح ، وهي ياء الجمع . قال 
النحاس    : الحذف في المعتل أكثر ، كما قال الشاعر [ هو 
 nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة    ] : 
وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى     ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع 
والأماني جمع أمنية وهي التلاوة ، وأصلها أمنوية على وزن أفعولة ، فأدغمت الواو في الياء فانكسرت النون من أجل الياء فصارت أمنية ، ومنه قوله تعالى : 
إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته أي إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك    :   
[ ص: 8 ]   : 
تمنى كتاب الله أول ليله     وآخره لاقى حمام المقادر 
وقال آخر : 
تمنى كتاب الله آخر ليله     تمني داود الزبور على رسل 
والأماني أيضا الأكاذيب ، ومنه قول 
عثمان  رضي الله عنه : ما تمنيت منذ أسلمت ، أي ما كذبت . وقول بعض العرب 
لابن دأب  وهو يحدث : أهذا شيء رويته أم شيء تمنيته ؟ أي افتعلته . وبهذا المعنى فسر 
ابن عباس  ومجاهد  أماني في الآية . والأماني أيضا ما يتمناه الإنسان ويشتهيه . قال 
قتادة    : 
إلا أماني يعني أنهم يتمنون على الله ما ليس لهم . وقيل : الأماني التقدير ، يقال : مني له أي قدر ، قاله 
الجوهري  ، وحكاه 
ابن بحر  ، وأنشد قول الشاعر : 
لا تأمنن وإن أمسيت في حرم     حتى تلاقي ما يمني لك الماني 
أي يقدر لك المقدر .