صفحة جزء
الرابعة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : نعت الله تعالى أحبارهم بأنهم يبدلون ويحرفون فقال وقوله الحق : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم الآية . وذلك أنه لما درس الأمر فيهم ، وساءت رعية علمائهم ، وأقبلوا على الدنيا حرصا وطمعا ، طلبوا أشياء تصرف وجوه الناس إليهم ، فأحدثوا في شريعتهم وبدلوها ، وألحقوا ذلك بالتوراة ، وقالوا لسفهائهم هذا من عند الله ، ليقبلوها عنهم فتتأكد رياستهم وينالوا به حطام الدنيا وأوساخها . وكان مما أحدثوا فيه أن قالوا : ليس علينا في الأميين سبيل ، وهم العرب ، أي ما أخذنا من أموالهم فهو حل لنا . وكان مما أحدثوا فيه أن قالوا : لا يضرنا ذنب ، فنحن أحباؤه وأبناؤه ، تعالى الله عن ذلك ! وإنما كان في التوراة " يا أحباري ويا أبناء رسلي " فغيروه وكتبوا " يا أحبائي ويا أبنائي " فأنزل الله [ ص: 9 ] تكذيبهم : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم . فقالت : لن يعذبنا الله ، وإن عذبنا فأربعين يوما مقدار أيام العجل ، فأنزل الله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا قال ابن مقسم : يعني توحيدا ، بدليل قوله تعالى : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا يعني لا إله إلا الله فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ثم أكذبهم فقال : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون . فبين تعالى أن الخلود في النار والجنة إنما هو بحسب الكفر والإيمان ، لا بما قالوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية