1. الرئيسية
  2. تفسير القرطبي
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان
صفحة جزء
الرابعة : قوله تعالى : وهو محرم عليكم إخراجهم هو مبتدأ وهو كناية عن الإخراج ، ومحرم خبره ، وإخراجهم بدل من هو وإن شئت كان كناية عن الحديث والقصة ، والجملة التي بعده خبره ، أي والأمر محرم عليكم إخراجهم . فإخراجهم مبتدأ ثان . ومحرم خبره ، والجملة خبر عن هو ، وفي " محرم " ضمير ما لم يسم فاعله يعود على الإخراج . ويجوز أن يكون محرم مبتدأ ، وإخراجهم مفعول ما لم يسم فاعله يسد مسد خبر " محرم " ، والجملة خبر عن هو . وزعم الفراء أن هو عماد ، وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له ; لأن العماد لا يكون في أول الكلام . ويقرأ " وهو " بسكون الهاء لثقل الضمة ، كما قال الشاعر :

فهو لا تنمي رميته ماله لا عد من نفره



وكذلك إن جئت باللام وثم ، وقد تقدم . قال علماؤنا : كان الله تعالى قد أخذ عليهم أربعة عهود : ترك القتل ، وترك الإخراج ، وترك المظاهرة ، وفداء أساراهم ، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء ، فوبخهم الله على ذلك توبيخا يتلى فقال : أفتؤمنون ببعض الكتاب وهو التوراة وتكفرون ببعض ! !

قلت : ولعمر الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض ! ليت بالمسلمين ، بل بالكافرين ! حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ! .

قال علماؤنا : فداء الأسارى واجب وإن لم يبق درهم واحد . قال ابن خويز منداد : تضمنت الآية وجوب فك الأسرى ، وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكهم ، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع . ويجب فك الأسارى من بيت المال ، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين ، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين . وسيأتي .

[ ص: 24 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية