صفحة جزء
الرابعة : في أسمائها ، وهي اثنا عشر اسما :

( الأول ) : الصلاة ، قال الله تعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) الحديث . وقد تقدم .

( الثاني ) : الحمد ، لأن فيها ذكر الحمد ; كما يقال : سورة الأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ونحوها .

( الثالث ) : فاتحة الكتاب ، من غير خلاف بين العلماء ; وسميت بذلك لأنه تفتتح قراءة القرآن بها لفظا ، وتفتتح بها الكتابة في المصحف خطا ، وتفتتح بها الصلوات .

( الرابع ) : أم الكتاب ، وفي هذا الاسم خلاف ، جوزه الجمهور ، وكرهه أنس والحسن [ ص: 109 ] وابن سيرين . قال الحسن : أم الكتاب الحلال والحرام ، قال الله تعالى : آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات . وقال أنس وابن سيرين : أم الكتاب اسم اللوح المحفوظ . قال الله تعالى : وإنه في أم الكتاب .

( الخامس ) : أم القرآن ، واختلف فيه أيضا ، فجوزه الجمهور ، وكرهه أنس وابن سيرين ; والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين . روى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني قال : هذا حديث حسن صحيح . وفي البخاري قال : وسميت أم الكتاب لأنه يبتدأ بكتابتها في المصاحف ، ويبدأ بقراءتها في الصلاة . وقال يحيى بن يعمر : أم القرى : مكة ، وأم خراسان : مرو ، وأم القرآن : سورة الحمد . وقيل : سميت أم القرآن لأنها أوله ومتضمنة لجميع علومه ، وبه سميت مكة أم القرى لأنها أول الأرض ومنها دحيت ، ومنه سميت الأم أما لأنها أصل النسل ، والأرض أما ، في قول أمية بن أبي الصلت :

فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد



ويقال لراية الحرب : أم ; لتقدمها واتباع الجيش لها . وأصل أم أمهة ، ولذلك تجمع على أمهات ، قال الله تعالى : وأمهاتكم . ويقال أمات بغير هاء . قال :


فرجت الظلام بأماتكا

وقيل : إن أمهات في الناس ، وأمات في البهائم ; حكاه ابن فارس في المجمل .

( السادس ) : المثاني ، سميت بذلك لأنها تثنى في كل ركعة . وقيل : سميت بذلك لأنها استثنيت لهذه الأمة فلم تنزل على أحد قبلها ذخرا لها .

( السابع ) : القرآن العظيم ، سميت بذلك لتضمنها جميع علوم القرآن ، وذلك أنها تشتمل على الثناء على الله عز وجل بأوصاف كماله وجلاله ، وعلى الأمر بالعبادات والإخلاص فيها ، [ ص: 110 ] والاعتراف بالعجز عن القيام بشيء منها إلا بإعانته تعالى ، وعلى الابتهال إليه في الهداية إلى الصراط المستقيم ; وكفاية أحوال الناكثين ، وعلى بيانه عاقبة الجاحدين .

( الثامن ) : الشفاء ، روى الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاتحة الكتاب شفاء من كل سم .

( التاسع ) : الرقية ، ثبت ذلك من حديث أبي سعيد الخدري وفيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل ، الذي رقى سيد الحي : ( ما أدراك أنها رقية ) فقال : يا رسول الله شيء ألقي في روعي ; الحديث . خرجه الأئمة ، وسيأتي بتمامه .

( العاشر ) : الأساس ، شكا رجل إلى الشعبي وجع الخاصرة ; فقال : عليك بأساس القرآن فاتحة الكتاب ، سمعت ابن عباس يقول : لكل شيء أساس ، وأساس الدنيا مكة ، لأنها منها دحيت ; وأساس السماوات عريبا ، وهي السماء السابعة ; وأساس الأرض عجيبا ، وهي الأرض السابعة السفلى ; وأساس الجنان جنة عدن ، وهي سرة الجنان عليها أسست الجنة ; وأساس النار جهنم ، وهي الدركة السابعة السفلى عليها أسست الدركات ، وأساس الخلق آدم ، وأساس الأنبياء نوح ; وأساس بني إسرائيل يعقوب ; وأساس الكتب القرآن ; وأساس القرآن الفاتحة ; وأساس الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم ; فإذا اعتللت أو اشتكيت فعليك بالفاتحة تشفى .

( الحادي عشر ) : الوافية ، قاله سفيان بن عيينة ، لأنها لا تتنصف ولا تحتمل الاختزال ، ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة ، ونصفها الآخر في ركعة لأجزأ ; ولو نصفت الفاتحة في ركعتين لم يجز .

[ ص: 111 ] ( الثاني عشر ) : الكافية ، قال يحيى بن أبي كثير : لأنها تكفي عن سواها ولا يكفي سواها عنها . يدل عليه ما روى محمد بن خلاد الإسكندراني قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أم القرآن عوض من غيرها وليس غيرها منها عوضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية